الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإسلام صان دم المسلم وماله وعرضه، وحرم التعدي على هذه الأشياء، ولهذا ركز صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع على تلك المسائل، فقال صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا . متفق عليه .
فلا يجوز لمسلم أن يأخذ من مال أخيه المسلم إلا إذا كان ذلك عن رضا منه وطيب نفس، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه . أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم وصححه الألباني .
وقد ذكر الفقهاء أن من أتلف شيئا ضمنه ولزمه إصلاحه ولو كان نائما، وبناء عليه فيلزمك التحلل من زميلك باستسماحه أو برد أرش هذا الجهاز الذي أخذته دون إذنه وذلك بدفع ما نقص من قيمة الجهاز وإن كان تلف تلفا كليا فعليك تعويضه بجهاز كامل أو بثمنه، قال المواق في التاج والإكليل: من جنى على بهيمة شيئا فعليه ما نقصها فإن قتلها غرم قيمتها بالغة ما بلغت . اهـ .
ولا يشترط عند رده إخبار صاحبك بتفاصيل الموضوع بل المهم رده إليه بأي طريقة لا تسبب مفاسد أخرى، وإنما يلزم إخباره عند استسماحك إياه، وبادر بالتحلل من زميلك قبل أن تموت فيطالبك بهذا الحق في يوم القيامة ويؤخذ من حسناتك لتوفيه حقه كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله: من كانت عنده لأخيه مظلمة من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه . رواه البخاري .
ثم إنه مما يجب عليك فعله هو أن تبين له أن الأخ الذي كان يظن به ظنا سيئا ليس هو من فعل ذلك قطعا، ثم تب أنت إلى الله مما وقع منك في جانب هذا الأخ واستسمحه ولو بدون أن تصرح له بالسبب إذا كان في ذلك مفسدة كبرى، فالله جل وعلا يقول: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {النساء: 112 } فقد فسر أهل العلم الخطيئة هنا بأنها تكون عن عمد وعن غير عمد، ففسرها بذلك غير واحد من المفسرين . وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية : 48105 ، 43949 ، 9215 .
والله أعلم .