الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نفهم على وجه الدقة ماذا تعني بدفع شهر مقدم عند إرادة المستأجر فسخ عقد الإجارة قبل نهايته، ولكنك إذا كنت قد اشترطت عليه إذا أراد فسخ العقد دفع مبلغ زائد على ما يلزمه من أجرة المدة المتبقية على العقد فلا يلزمه إلا دفع أجرة المدة المتبقية، وذلك لأن الشرط الجزائي إنما صح اشتراطه في مقابل الإخلال بالالتزام، ولم يعد هناك مسوغ لإلزامه بالشرط.
وقد جاء في قرارات الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء: الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له معتبر شرعا، فيكون العذر مسقطا لوجوبه حتى يزول، وإذا كان الشرط الجزائي كثيرا عرفا بحيث يراد به التهديد المالي ويكون بعيدا عن مقتضى القواعد الشرعية فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة، أو لحق من مضرة .
أما إذا كنت قد اشترطت عليه أنه إذا ترك الشقة قبل نهاية العقد فهو ملزم بدفع مبلغ معين فقط دون أجرة المدة المتبقية ووافق على هذا الشرط فلا حرج في هذا، روى البخاري في صحيحه بسنده عن ابن سيرين: أن رجلا قال لكريه: أرحل ركابك فإن لم أرحل معك يوم كذا أو كذا فلك مائة درهم فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه، وقال أيوب عن ابن سيرين: إن رجلا باع طعاما وقال : إن لم آتك الأربعاء فليس بيني وبينك بيع، فلم يجئ، فقال شريح للمشتري: أنت أخلفت فقضى عليه ، وراجع لمزيد من التفصيل الفتاوى التالية أرقامها : 34491 ، 9215 ، 46612 ، 52465 .
وما لم تتيقن أو يغلب على ظنك صدقه في أنك وافقت على أن يدفع فقط خمسين دينارا عن كل شهر إذا أراد الخروج قبل المدة فلا يلزمك إجابته إلى ذلك، ولك أن تلزمه بالعقد الذي وقع عليه، وإن كان الأولى هو مسامحته والاكتفاء بقبول المبلغ الذي يدعيه، فقد قال تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237 }
وأما بالنسبة للحلف الذي حلفت.. فإذا كنت قد حلفت أنك لا تتذكر ما جرى بينك وبينه، وأنت فعلا لا تتذكره فلا إثم عليك، أما إذا كنت تتذكره وحلفت كذبا فلا ريب أنك تأثم بذلك، وهذا الحلف يمين غموس تجب المبادرة بالتوبة إلى الله منه، وراجع الفتوى رقم : 7258 .
والله أعلم .