الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى أولا مما قد اقترفته وتحسبه هينا وهو عند الله عظيم فإنه يقول: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا{الإسراء:32} ولمعرفة شروط التوبة الصادقة انظر الفتويين:296، 5091.
وينبغي أن تعلم أن المؤمن يضبط أقواله وأفعاله بمقتضي الشريعة على ما أمر به المولى سبحانه وتعالى وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، لا أن يضبط الشريعة وفق هواه ويطوعها كيفما اختار قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب:36}وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65]، وغيرها من الآيات. قال ابن رجب في كتابه جامع العلوم والحكم الحديث الحادي والأربعون: علامة الإيمان عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به. حديث حسن صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح. اهـ
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعاً لما جاء به الرسول ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال، فيكون قوله تبعاً لقوله، وعمله تبعاً لأمره، فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين. انتهى.
وفساد الواقع لا يعني شرعيته ولا تطويع أوامر الشرع لتوافقه بل يجب رد ما فسد وتغير وضبطه بأحكام الشرع. ولاتغرنك كثرة أهل الباطل ولا زخم الغاوين فذلك سراب عما قليل سينقشع.قال تعالى: كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ {الرعد:17} والمتمسك بالحق أمة وإن كان وحده.
ثم إننا لا نسلم بكل ما قلته مما تريد به تبرير المنكرات التي يمارسها بعض الناس اليوم، فكون الفساد قد انتشر في أهل هذا الزمان والمعاصي انتشرت، والمادة طغت لا يلزم منه عدم إمكانية وجود زوجة تتناسب حالها مع حال السائل وأمثاله وترضى به، بل وترغب فيه وهذا شيء واقع، كما لا يلزم منه أيضا عدم عمل المرء فيما يتعلق به بشرع الله عز وجل.
وأما ما سألت عنه فجوابه أن للنكاح الشرعي الصحيح شروطا وأركانا متى ما توفرت فهو صحيح ولو سمي بنكاح عرفي أو غيره، ومتى ما اختلت تلك الشروط والأركان أو فقد بعضها فهو فاسد وإن سمي نكاحا شرعيا، فالتسمية لا اعتبار لها وإنما ينظر إلى ذات العقد ومدى توفر شروطه وأركانه وانضباطه بالضوابط الإسلامية. ولمعرفة شروط النكاح وأركانه نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية:1766، 3329، 4632.
وإذا أردت علاج ثوران الشهوة وكبح جماحها وكسر حدتها فاعمل بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه، فهذا إرشاد منه صلى الله عليه وسلم إلى قطع أسباب ثوران الشهوة، فالواجب أن تحفظ نفسك من الوقوع في المحرمات التي تؤدي إلى ثوران الشهوة كالنظر المحرم والخلوة بالنساء ونحو ذلك.
وأما العادة السرية فهي محرمة إلا إن خشي المرء الوقوع في الزنا فترتكب أدنى المفسدتين، وننصحك بالأخذ بالأسباب المعينة على تركها وقد بينا ذلك مفصلا في الفتاوى ذات الأرقام التالية:1087، 910، 4536.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا، وتسأله أن يسهل أمرك ويهيئ لك من أمرك رشدا، ويغنيك بحلاله عن حرامه، وبطاعته عن معصيته، وهو قريب مجيب لمن أناب إليه، واطرح بين يديه سبحانه.
والله أعلم.