الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك لزوجتك: ( حسنا ) في جواب طلبها الطلاق إن أردت به حسنا أنت طالق فيقع به الطلاق، وإن أردت حسنا سأنظر في الأمر أو حسنا سأطلقك فلا يقع به الطلاق، وهذا التفصيل الذي ذكرناه مبني على أن لفظ ( حسنا ) يراد به ( نعم )، و لم نقف على كلام للفقهاء في حكم إجابة طلب الزوجة الطلاق ب ( حسنا ) ولكنهم تكلموا على إجابة طلبها بنعم ، فذهب الحنفية إلى أن إجابتها بنعم لا يقع بها طلاق ولو نوى الطلاق، قال الإمام ابن الهمام الحنفي : ولو قاله ـ أي : نعم ـ في جواب طلقني لا تطلق وإن نوى، ولو قيل له ألست طلقتها فقال ( بلى ) طلقت أو (نعم ) لا تطلق والذي ينبغي عدم الفرق فإن أهل العرف لا يفرقون بل يفهمون منهما إيجاب المنفي . اهـ .
وقال الحموي الحنفي في غمز عيون البصائر: قوله : قالت له أنا طالق فقال : نعم إلخ . الفرق بين المسألتين أن معنى نعم بعد قولها أنا طالق نعم أنت طالق ومعناها بعد قولها طلقني نعم أطلقك فيكون وعدا بالطلاق لأنها لتقرير ما قبلها . اهـ .
وأما الشافعية فذهبوا إلى أنه إن أجاب طلبها بنعم فهو صريح وقيل كناية ، قال الإمام النووي في المنهاج : ولو قيل له استخبارا أطلقتها فقال نعم فإقرار، فإن قال أردت ماضيا وراجعت صدق بيمينه، وإن قيل ذلك التماسا لإنشاء فقال نعم فصريح وقيل كناية .
وقال الإمام الخطيب الشربيني في مغني المحتاج : ( وإن قيل ) له ( ذلك ) القول المتقدم وهو أطلقت زوجتك ( التماسا لإنشاء فقال نعم ) أو نحوها مما يرادفها ( فصريح ) في الإيقاع حالا لأن نعم ونحوها قائم مقام طلقتها المراد لذكره في السؤال ( وقيل ) هو ( كناية ) يحتاج لنية لأن نعم ليست معدودة من صرائح الطلاق . اهـ .
وأما قولك لوالدها : ( خذ ابنتك لم أعد أريدها ) فهذا اللفظ من كنايات الطلاق فلا يقع به الطلاق إلا إذا نوى المتلفظ به الطلاق فإن لم ينو لم يقع به شيء، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني : القسم الثالث ـ أي من كنايات الطلاق ـ الخفية نحو اخرجي واذهبي وذوقي وتجرعي وأنت مخلاة واختاري ووهبتك لأهلك وسائر ما يدل على الفرقة ويؤدي معنى الطلاق سوى ما تقدم ذكره فهذه ثلاث إن نوى ثلاثا واثنتان إن نواهما وواحدة إن نواها أو أطلق . اهـ .
وعلى المرأة أن تسعى في تحسين علاقتها بوالدي زوجها وأن تحسن إليهما فإن ذلك من الإحسان إلى الزوج ومن حسن عشرته، ولا ينبغي لها أن تمتنع عن زيارة أهل زوجها إذا لم تكن الزيارة تجر إلى ما لا يحمد من الخصام، والواجب على المسلم أن يكون عفيف اللسان طيب الكلام فلا يجوز للزوجة القدح والكلام في أهل زوجها ولا يجوز لهم أيضا القدح والكلام فيها، وننصحك بإمساكها ونصحها وتذكيرها بالله تعالى وحثها على الأخلاق الكريمة .
والله أعلم .