الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه بداية إلى أنه لم يتضح لنا السؤال على وجه الدقة، فإذا كنت تقصد أنك قد اشتريت هذه الشقة بالتقسيط فإن الاشتراط المذكور في العقد بأنه عند عجز المشتري عن سداد بعض الأقساط تسقط ملكيته عما دفع ويعتبر ما دفعه إيجارا للشقة، اشتراط فاسد لا يجوز ولا يصح لوجهين:
الأول: ما في ذلك من الغرر المتمثل في أن المشتري قد يعجز عن آخر قسط من الأقساط المتفق عليها فيخسر كل ما بذله من أقساط للشركة وبذلك يخسر كل شيء، بينما تفوز الشركة بالثمن والمثمن معا، ولا يخفى ما في هذا من غرر و أكل واضح لأموال الناس بالباطل.
الثاني: أن عقد البيع وعقد الإجارة لا يجتمعان في عين واحدة.
و هذا الاشتراط الفاسد لا يؤثر على الراجح من أقوال أهل العلم في صحة عقد البيع كما هو موضح في الفتوى رقم: 49776، والفتوى رقم: 28039. وعليه فلا حرج عليك في هذه الحالة في أن تبيع الشقة لغيرك بثمن أعلى أو أقل، لكن إذا كانت الشقة مرهونة للجهة المالكة للمشروع فيجب أولا أن توفيها ما بقي لها من ثمن الشقة أو تبين لها أنك عاجز عن السداد وتطلب منها أن تسمح ببيع الشقة لتستوفي ما بقي لها من الثمن فإن أجابتك إلى ذلك فالحمد لله، وإن لم تجب إلا بأن يوفيها المشتري أكثر من قيمة الأقساط المستحقة لها نظرا للقوانين الوضعية التي تؤيدها في ذلك، فلا حرج عليك، والإثم في ذلك عليها، غاية الأمر أنك اضطررت للتنازل لها عن جزء من الثمن الذي بعت به وهو القدر الزائد عن الأقساط المستحق لها، ثم أحلتها على المشتري لتستوفي الأقساط والزيادة مما لك عليه، وهذه حوالة مشروعة، وراجع الفتوى رقم: 4491.
أما إذا كنت تقصد أن الجهة المالكة للمشروع قد أجرت لك هذه الشقة على أن تتملكها في نهاية مدة الإيجار فعقد الإجارة في هذه الحالة عقد فاسد، والمعاملة هي إحدى الصور الممنوعة للإجارة المنتهية كما هو موضح في الفتوى رقم: 6374، والفتوى رقم: 2884.
وفي هذه الحالة لا يجوز لك بيع الشقة، لأنك لا تملكها، كما لا يجوز لك أيضا التنازل عن إجارتها بعوض وهو ما يسمى ببدل الخلو حيث إن إجارتك لها إجارة فاسدة، إنما المشروع في هذه الحالة أن تفسخ العقد مع الجهة المالكة للمشروع وتسترد ما زاد على أجرة المثل مما دفعت، لأن الواجب في الإجارة الفاسدة هو أجرة المثل لا الأجرة المسماة في العقد، ولاسيما وأن مبلغ الإيجار في هذه الحالة يكون عادة مبالغا فيه لأنه في الحقيقة ستار على البيع، قال الرملي في نهاية المحتاج: ( وتستقر في الإجارة الفاسدة أجرة المثل ) سواء أزادت على المسمى أم نقصت ( بما يستقر به المسمى في الصحيحة ). انتهى.
والله أعلم.