الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت بقولك إنك من أصحاب الأعذار تقصد أن الحدث يلازمك كل الزمن أو أكثره فصلاتك صحيحة عند المالكية والشافعية، فالمالكية يقولون بصحة وضوء صاحب السلس ما لم يحصل ما يبطله من ناقض آخر كما تقدم في الفتوى رقم: 15270. إضافة إلى أن وقت المغرب الضروري عندهم مستمر حتى طلوع الفجر، وبالنسبة للشافعية أيضا فوقت المغرب عندهم مستمر إلى طلوع الفجر في حق المعذور، ففي التجريد لنفع العبيد -وهو شافعي-: قال الروياني: وعندي أنه يجوز الجمع إن بقي وقت المغرب ما يسع ركعة من العشاء لأن وقت المغرب يمتد إلى طلوع الفجر عند العذر. انتهى.
إضافة إلى كون طهارة صاحب السلس غير مقيدة باستمرار الوقت عند بعضهم. ففي المهذب للشيرازي متحدثا عن المستحاضة وصاحب السلس: فإن توضأت في أول الوقت وأخرت الصلاة فإن كان بسبب يعود إلى مصلحة الصلاة كانتظار الجماعة وستر العورة والإقامة صحت صلاتها، وإن كان لغير ذلك ففيه وجهان:
أحدهما: أن صلاتها باطلة لأنها تصلي مع نجاسة يمكن حفظ الصلاة منها.
والثاني: يصح لأنه وسع في الوقت فلا يضيق عليها، وإن أخرتها حتى خرج الوقت لم يجز لها أن تصلي به؛ لأنه لا عذر لها في ذلك، ومن أصحابنا من قال: يجوز أن تصلي بعد خروج الوقت لأنا لو منعناها من ذلك صارت طهارتها مقدرة بالوقت، وذلك لا يجوز عندنا. انتهى.
وعند الحنابلة والحنفية وضوء صاحب السلس يبطل بخروج الوقت في هذه الحالة.
قال ابن قدامة في المغني -وهو حنبلي-: فإن توضأ أحد هؤلاء قبل الوقت وخرج منه شيء بطلت طهارته لأن دخوله يخرج به الوقت الذي توضأ فيه، وخروج الوقت مبطل لهذه الطهارة كما قررناه، ولأن الحدث مبطل للطهارة، وإنما عفي عنه لعدم إمكان التحرز عنه مع الحاجة إلى الطهارة. انتهى.
وفي كتاب الهداية -وهو حنفي- متحدثا عن بعض أصحاب السلس: وإذا خرج الوقت بطل وضوؤهم، واستأنفوا الوضوء لصلاة أخرى، وهذا عند علمائنا الثلاثة. انتهى.
وعليه، فصلاتك المغرب هذه صحيحة عند بعض أهل العلم، وإن كان قضاؤها أقرب إلى الورع والاحتياط في الدين خروجا من خلاف أهل العلم.
والله أعلم.