الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك لزوجتك (أنت طالق بالثلاث إذا اتصلت خارج الدولة التي نقيم فيها) طلاق معلق على شرط وهو اتصال الزوجة، فإن كنت تنوي مدة معينة كشهر أو سنة أو غير ذلك، تقيد اللفظ بها، فلا يقع الطلاق إلا باتصالها في هذه المدة، وإلا فهو على التأبيد فمتى اتصلت في أي وقت وقع الطلاق.
قال المنتقى شرح الموطأ: وذلك أن الأيمان على ضربين: يمين على مستقبل، ويمين على ماض.. وهو ينقسم قسمين: أحدهما: يقتضي المنع مثل قوله: والله لا لبست الثوب ولا أكلت هذا الخبز، فهذا إن أطلق الفعل ولم يعلق بوقت ولا مكان ولا صفة منعت اليمين ذلك الفعل على التأبيد، فمتى فعله حنث ولزمته الكفارة، وإن قيد الفعل بوقت مثل قوله: والله لا لبست هذا الثوب غدا أو لا لبسته يوم الجمعة أو لا لبسته بمكة أو لا لبسته راكبا، تعلق المنع بذلك الوقت أو بذلك المكان أو بتلك الصفة، فإن فعله على شيء من ذلك حنث، وإن فعله في غير ذلك الوقت أو في غير ذلك المكان أو على غير تلك الصفة لم يحنث لأن يمينه لم يتناول ذلك ولا صفته. انتهى
وأما ما ذكرت من الاستثناء بعد (نصف غير محددة) فلا ينفع إلا بشروط منها: أن يكون متصلا بالمستثنى منه، وضابط الاتصال بحيث يعد كلاما واحدا عرفا. قال في مغني المحتاج: ( بشرط اتصاله ) أي لفظ المستثنى بالمستثنى منه عرفا بحيث يعد كلاما واحدا ( ولا يضر ) في الاتصال ( سكتة تنفسٍ وَعِيٍّ ) أو تذكر أو انقطاع صوت؛ لأن ذلك لا يعد فاصلا؛ بخلاف الكلام الأجنبي ولو يسيرا. انتهى
ومن الشروط أن ينوي الاستثناء قبل فراغه من اليمين، وانظر تفصيله في الفتوى رقم 65900.
وعليه، فإذا لم تتوفر هذه الشروط في الاستثناء ولم يكن لك نية بمدة معينة، فإن الطلاق يقع باتصال الزوجة على الصفة المذكورة وهي الاتصال خارج البلد المقيمين فيه.
وهل يقع ثلاثا ولو لم يقصد به الطلاق أم لا؟ الجمهور على وقوعه، ومن أهل العلم من لا يرى وقوعه إلا بقصد الطلاق، ثم على القول بوقوعه فهل يقع بحسب اللفظ أم واحدة؟ خلاف بين أهل العلم، سبق بيانه في الفتوى رقم: 5584، والفتوى رقم: 3795.
والله أعلم.