الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد وأن يهيئ لك من أمرك رشدا ويصلح لك زوجك إنه سميع مجيب.
والذي ينبغي أن تعلمه أيها السائل الكريم هو أن البيوت لا تبنى كلها على الحب؛ كما قال عمر رضي الله عنه وإنما على التفاهم بأن يفهم كل واحد من الزوجين طبيعة الآخر ونفسيته ومزاجه ورغباته. ويتحمل الزوج من ذلك نصيب الأسد فيتغاضى عن أخطاء الزوجة ما أمكنه ذلك، مسترشدا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء. متفق عليه من حديث أبي هريرة، ولمسلم عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمعت وفيها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها. وقوله: لا يفرك -أي لا يكره- مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر. رواه مسلم.
ولا ينبغي أن يكون الزوج ندا للزوجة ويترصد أخطاءها وهفواتها، بل ينسى ويتناسى ما يمكنه من ذلك. وهذا لا يعني أن يترك لها الحبل على الغارب لتفعل ما تشاء، بل يذكرها ويعظها ويؤدبها ويزجرها ويمنعها مما لا يجوز؛ لأنه راع لها ومسؤول عن رعيته، ولأنها لوترك لها العنان ربما تفعل ما لم يكن في الحسبان، فأوتي القوامة عليها ليضبط أفعالها وأقوالها، لكن بحكمة وموعظة حسنة، وللمزيد نرجو مراجعة الفتويين رقم: 2050، 5291.
وأما زوجتك.. فلا نملك أن نقول لها سوى أن تتقي الله تعالى في نفسها وفي زوجها وتتوب إليه مما كان، ولتعلم أنها وهي تعاملك -بما ذكرت- تفرط في أعظم حق عليها بعد حق الله تعالى، وهو السبب بإذن الله تعالى في دخولها الجنة إن حفظته ووفته، أو ولوجها النار والعياذ بالله إن ضيعته، وقد فصلنا القول في وجوب طاعة الزوج وعظيم حقه على زوجته في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1780، 17322، 18814.
وقد تضمن سؤالك أمرين لا بد من الوقوف عندهما والتنبيه إلى الحكم الشرعي فيهما.
أولهما: ترك زوجتك للصلاة وإعراضها عنها، وهذا ذنب عظيم ووزر كبير ومنكر لا بد من تغييره لأن بعض أهل العلم يرى كفر تاركها تهاونا وكسلا، وأما جحودا فالكل يقول بكفر من جحد وجوبها وتركها لذلك، ولمعرفة تفصيل كلام أهل العلم في ذلك انظر الفتويين رقم: 512، 1145.
والأمر الثاني: هو نطقك بالطلاق ثلاث مرات متفرقات، وزعمك أنك لم تكن تعي ما يصدر منك.
وهنا نقول: ينبغي رفع الأمر إلى المحاكم الشرعية هنالك وعرض ذلك على القضاء ليتبين من حالك وقت تلفظك بالطلاق، وهل يحسب عليك أم لا يحسب. لأن طلاق الغضبان فيه تفصيل وقد بينا متى يقع طلاقه ومتى لا يقع في الفتوى رقم: 2182، وينبغي أن تعلم أن حسيبك هو الله الذي لا تخفى عليه خافية من أمرك، والقاضي إنما يحكم على ضوء ما ستذكر له من أمرك، وحكمه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري.
فعليك أن تصدق في قولك وتذكر للقاضي حالك وقت الطلاق كما هو. كما يجب عليك أن تمسك عن زوجتك ولا تقربها حتى تعرض الأمر على القاضي فربما تكون قد بانت منك وحرمت عليك.
والله أعلم