الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن السائل لم يبين أن نوعي المال الحرام هو المال المسؤول عنه، كما لم يظهر لنا من هو الذي استرجع المال الحرام أهو صاحبه أم مكتسبه؟ وعلى كل فالمال الحرام نوعان:
الاول: أن يؤخذ بدون رضى صاحبه كالمسروق والمغصوب فهذا النوع لا يجوز معاملة سارقه أو غاصبه وإن عامله مع علمه أنه مسروق أو مغصوب فهو مثله في الإثم وأحد الغاصبين أو السارقين، ويجب عليه أن يتوب إل الله عز وجل، وأن يرد المال إلى صاحبه لا إلى مكتسبه، وصاحب المال المغصوب مخير بين تضمين أيهما شاء.
الثاني: أن يؤخذ برضى صاحبه على وجه غير مشروع كعقود الربا والميسر ونحوهما فهذا إن علم أنه عين المال الحرام لم يجز لأحد معاملة مكتسبه فيه، وعلى مكتسبه الذي تحصل بيده التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين العامة أو إنفاقه على الفقراء. وفي هذا والذي قبله يقول ابن تيمية ما يلي: ما في الوجود من الأموال المغصوبة المقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه.. اهـ.
وجاء في المجموع قال: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه.. وإذا كان المالك لا يعرفه ويئس من معرفته فيبنغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة.. وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء، وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا، فإن عجز عن ذلك تولاه بنفسه، فإن المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة. اهـ.
وعليه، فإذا كان المال الحرام تصرف فيه حسب ما تقدم فهذا هو المتعين، وإلا لزم من بيده المال الحرام فعل ذلك، وإن كان رده على من اكتسبه بلا وجه حق فلا يبرأ بذلك، وأما ما نتج عن هذا المال من أرباح فالقول الذي نرجحه هو أنها مباحة لمن استثمره في المباح، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 50478.
والله أعلم.