الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمتمتع عليه دم بنص القرآن الكريم قال الله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ {البقرة: من الآية196} ومثله القارن.
وعليه فيلزمكم الهدي إن كان معكم من المال في مكة ما تشترونه به أو سهل عليكم الحصول عليه من بلدكم، كإرساله عبر صرافة ونحو ذلك، وإلا لزمكم صيام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة بعد الرجوع إلى البلد لقوله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ {البقرة: 196} وهو الذي فعلتموه كما ذكرت.
وقولك: ولكن بعد عرفات اشترينا هدايا بقيمة الهدي تقريبا.
فالظاهر أن المقصود بالهدايا هنا هدايا للأهل والأصحاب في البلد وليس هدايا النسك، فإن كان ذلك هو المقصود فينظر إلى ما غلب على الظن عند الإقدام على الصوم وترك الهدي، فإن غلب على الظن أن ما يملكه كل واحد من المال لا يكفيه لشراء الهدي والنفقات التي يحتاجها حتى يرجع إلى بلده فلا شيء عليه في ترك الهدي ويجزئه الصوم بدلا عنه، لأنه مكلف بما غلب على ظنه. وإن كان الغالب على ظنه أن ما معه من المال يكفيه للنفقة والهدي ولكن ادخره لشراء الهدايا للأهل فلا يجزئه الصوم لأن الهدي واجب ولا يعدل عنه إلى الصوم إلا عند العجز عنه، وليس بعاجز، والهدي مقدم على الهدايا، وعليه أن يذبح هديا في مكة ويوزعه على فقرائه أو يوكل من يقوم بذلك عنه.
وإن كان المقصود بالهدايا: الهدي
فالجواب أن من عدم الهدي أو قيمته ثم وجده قبل خروج أيام التشريق فذبحه أجزأه إذا كانت شروط الهدي متوفرة فيه، وهي كشروط الأضحية قال الإمام النووي رحمه الله: قال الشافعي والأصحاب: إذا شرع في صوم التمتع الثلاثة أو السبعة ثم وجد الهدي لم يلزمه , لكن يستحب أن يهدي , وبمذهبنا قال مالك وأحمد وداود وقال المزني : يلزمه, وقال أبو حنيفة : يلزمه إن وجده في الثلاثة ولا يلزمه في السبعة...
وإن أحرم بالحج ولا هدي، ثم وجده قبل شروعه في الصوم قال المصنف والأصحاب: ...الاعتبار بوقت الأداء فيلزمه الهدي، وهو نص الشافعي في هذه المسألة. اهـ.
والله أعلم.