الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشكرك على هذه الملاحظات التي لا شك أنها لا تخلو من الإصابة، ونحن إذ نعتذر عنها للقارئ الكريم، لنتعزى فيها بأن العمل البشري لا يخلو من النقص، فقد قال الله تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا {النساء:82}، وقال أحد الشعراء:
فمن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه.
وفي ما يتعلق بالرد على الملاحظات نقول:
1. إن كون الرابط لا يعمل هو خلل فني من القائمين على تفعيل الإحالات، وأمره خفيف؛ لأن الشخص يمكنه أن يدخل على الفتوى مباشرة بكتابة الرقم الذي يحيل عليها.
2. إن الرقم الذي أحلنا عليه ليس هو الرقم المناسب، وجئت أنت -مشكورا- برقم أنسب منه، فهذه الملاحظة وإن كان لها نصيب من الصحة، إلا أنك لو تأملت قليلا لعلمت أن الباحث قد أوفى الإجابة حقها، وبالتالي فما يحيل عليه من أرقام هو للفائدة فقط.
3. وعن الملاحظة الثالثة فإننا ننقل لك نص فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في التلقين حيث قال: هذا التلقين المذكور قد نقل عن طائفة من الصحابة: أنهم أمروا به, كأبي أمامة الباهلي وغيره, وروي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه مما لا يحكم بصحته; ولم يكن كثير من الصحابة يفعل ذلك, فلهذا قال الإمام أحمد وغيره من العلماء: إن هذا التلقين لا بأس به، فرخصوا فيه ولم يأمروا به. واستحبه طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وكرهه طائفة من العلماء من أصحاب مالك وغيرهم. والذي في السنن{عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقوم على قبر الرجل من أصحابه إذا دفن ويقول: سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل}, وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { لقنوا أمواتكم لا إله إلا الله}. فتلقين المحتضر سنة مأمور بها. وقد ثبت أن المقبور يُسأل ويمتحن, وأنه يؤمر بالدعاء له; فلهذا قيل: إن التلقين ينفعه فإن الميت يسمع النداء. كما ثبت في الصحيح {عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنه ليسمع قرع نعالهم} وأنه قال: {ما أنتم بأسمع لما أقول منهم}, وأنه أمرنا بالسلام على الموتى. فقال: {ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله روحه حتى يرد عليه السلام}.
فإذا تأملت هذه الفتوى علمت أن الفتاوى التي أشرت إليها ليست متناقضة، وإنما ورد فيها ما يوهم التناقض بسبب عدم ورودها في مورد واحد. وربما أيضا بسبب أن المسألة لم يحسم النزاع فيها بين أهل العلم.
وعلى أية حال، فإنا نرحب بما أبديتَه من ملاحظات، ولا شك في أننا سننتفع بها في المستقبل إن شاء الله .
والله أعلم.