الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز الجمع بين سورتين أو أكثر من سور القرآن بعد قراءة الفاتحة في ركعة واحدة في الصلاة.
ففي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ {قل هو الله أحد} فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه.
وقد نص طائفة من أهل العلم على جواز الجمع بين سورتين في ركعة واحدة، وبوب البخاري لذلك فقال: "باب الجمع بين السورتين في ركعة" وذكر تحت هذه الترجمة عدة أحاديث وآثارا تدل على ذلك.
ومنها: ما رواه تعليقا ووصله الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم عن ثابت بن أسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ "قل هو الله أحد" حتى يفرغ منها، ثم يقرأ أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال: يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: إني أحبها فقال: حبك إياها أدخلك الجنة.
وعن حذيفة رضي الله عنه: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة فقرأها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها. رواه مسلم.
والله أعلم.