الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل السؤال على نقاط ثلاث هي:
· إرادة صاحب المسروقات تحليف المتهم.
· حلف شحص آخر بدل المتهم.
· الحكم فيما بعدُ إذا تبين أن الشخص المتهم كان -فعلاً- هو السارق.
وحول النقطة الأولى، فإن من حق من اتهم غيره بسرقة بعض ممتلكاته ولم يكن عنده بينة تشهد له بذلك أن يحلف المتهم إذا كان ثمت وجه لاتهامه، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه. وفي رواية: واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره، وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.
وهذا إذا كان المدعى عليه ممن يمكن اتهامه بالسرقة، وأما لو كان شخصا معروفا بالصلاح فإن المدعي من غير بينة يؤدب ولا يُمكَّن من تحليفه. قال في أقرب المسالك: (كمدعيه): أي كما يؤدب من ادعى الغصب أو السرقة أو نحوهما (على صالح) مشهور بذلك لا يشار إليه بهذا...
وحول النقطة الثانية، فإن حلف شخص ليس هو المتهم لا يصح؛ لأن اليمين وما شابهها لا تصح فيها الوكالة. قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى-: صحة الوكالة في قابل النيابة من فسخ وقبض حق وعقوبة وحوالة وإبراء وإن جهله الثلاثة وحج... لا في كيمين ومعصية: كظهار...
اللهم إلا إذا كان هذا الحالف إنما يحلف على نفي علمه بأن المتهم هو السارق، فلا مانع حينئذ من حلفه على نفي علمه، ولا يترتب على ذلك شيء.
وحول النقطة الثالثة، فإن المتهم إذا تبين فيما بعدُ أنه هو السارق فإنما يترتب على ذلك تغريمه لما كان قد سرقه، وإقامة الحد عليه من طرف السلطة الحاكمة إذا كان قد استوفى شروط الحد، وإلا كان مستحقا للأدب. وأما تغريمه أكثر من ذلك فلا يجوز. وأما التغريم المذكور في الملاحظة الأخيرة في السؤال فالظاهر عدم جوازه لسببين :
الأول : أنه تغريم بمال وهو لا يجوز عند أكثر أهل العلم خصوصا في مثل هذه الحالة .
الثاني : أن الذي يقوم بهذا التغريم ليس محكمة شرعية فهو لا يجوز إذاً .
والله أعلم.