الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الخوف من الموت نوعان:
منه النوع الجبلي الذي أودعه الله بين جنبي كل امرئ من خلقه، وهذا النوع يشترك فيه المؤمن والكافر، وهو ليس مذموما، وهو الذي ورد في كلام عائشة رضي الله عنها لما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، قالت: يا نبي الله أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت، فقال ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر... الحديث في صحيح مسلم وغيره.
وأما النوع المذموم فهو الذي يدل على ضعف الإيمان فهو الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوهن في الحديث الذي أخرجه أبو داود وأحمد عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت. وكراهية الموت من هذه الناحية تعني أن الإنسان يسرف في الملذات ويسعى لإشباع الشهوات، وكل ذلك بجهله لحقيقة الدنيا واغتراره بمظاهرها، فينفر من الموت نفورا زائدا؛ لأنه لا يرى بعده إلا الشقاء والبؤس. وهذا النوع أكثر في الكفار من المسلمين.
والله أعلم.