الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بويع علي رضي الله عنه بالمدينة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، قال السيوطي في تاريخ الخلفاء نقلا عن ابن سعد: بويع علي بالخلافة الغد من قتل عثمان بالمدينة، فبايعه جميع من كان بها من الصحابة رضي الله عنهم.... ثم خرج منها إلى البصرة... لما علم بخروج عائشة وطلحة والزبير إليها يطلبون دم عثمان... فكانت واقعة الجمل... وأقام على البصرة خمس عشرة ليلة.
وبعد المعركة أسند ولاية البصرة إلى عبد الله بن عباس وانصرف إلى الكوفة ليستعد لإخضاع معاوية بن أبي سفيان أمير الشام الذي أعلن المعارضة من دون الولاة، وحاول الخليفة أن يحسم الأمر بالحسنى والسلم، لكن المفاوضة بينهما لم تصل إلى حل يحقن الدماء لإصرار معاوية على مطلبه بتسليم قتلة عثمان ليقتلوا به، ثم يكون الأمر للأمة إن شاءت اختارت عليا وإن شاءت رفضت بيعته.
وهكذا انفرط عقد الأمور من يد علي رضي الله عنه، فاستقل معاوية بالشام وأعلن نفسه خليفة، وخرجت مصر واليمن ومكة والمدينة نفسها والبصرة، ولم يبق لعلي إلا الكوفة فاستقر بها ومن ثم كانت دار الخلافة.
قال السيوطي في تاريخ الخلفاء: إن أهل المدينة كانت فيهم الخلافة فأخرجوها ولم تعد فيهم.
وربما كانت هناك أسباب أخرى رآها علي رضي الله عنه لم يعلنها أو لم نقف عليها فيما اطلعنا عليه، ولا ضرورة لتقصي ذلك، فعلى فرض العلم به فإنه لا يفيد المرء دينا أو دنيا، والعاقل إنما يفني وقته وجهده فيما ينفعه.
والله أعلم.