الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في أن الغيبة محرمة، وقد شبه الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتا، فقال: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ {الحجرات: 12}.
ولا يخفى أن هذا المثال يكفي مجرد تصوره في الدلالة على حجم الكارثة التي يقع فيها المغتاب، ولذا كان عقابه في الآخرة من جنس ذنبه في الدنيا، فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم : ليلة عرج به بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، قال: فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. والأحاديث في ذم الغيبة والتنفير منها كثيرة.
ولكن الغيبة ليس معناها ذكر الآخرين في غيابهم بأي كلام، سواء كانوا يكرهونه أم لا يكرهونه.
فلو كان الأمر كذلك لما جاز لإنسان أن يذكر اسم إنسان آخر في غيبته. وإنما الغيبة أن يذكر المرء أخاه بما يكره من العيوب وهي فيه، فإن لم تكن فيه فهو البهتان، كما في الحديث الشريف: قيل: ما الغيبة يا رسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته . رواه مسلم.
ورغم أننا لم نفهم ما تقصدينه بقولك: إلا لأنها محتاجاها تساعدها في بعض الأمور، فإنك من هذا التعريف يتبين لك أن مجرد علمك ممن أطلقت عليها (ص) أن فلانة صديقتكما ستتزوج ثالث يوم العيد ولم تخبرك إلى الآن ولم تخبر (ص) لا يعتبر غيبة.
وعلى أية حال، فإن استغفارك لصديقتك وصلاتك من أجل التوبة كلها أمور حسنة ولو لم يصدر منك ذنب في حق صديقتك.
وما سألت عنه مما إذا كان من اغتاب أحداً ثم استغفر له غفرت له تلك الغيبة، فجوابه أن غفران الذنوب هو من أمور الغيب التي لا تمكن معرفتها في هذه الدنيا، والذي يمكن معرفته الآن هو كيفية التوبة من الذنوب. ويمكنك أن تراجعي في شروط التوبة فتوانا رقم: 18180.
والله أعلم .