الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى ألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك، ويوفقك لما يحبه ويرضاه، ويغنيك بحلاله عن حرامه، ويباعد بينك وبين معاصيه، وجواباً على سؤالك نقول: إن قرارك بعدم اللجوء إلى المعاملات المحرمة والأعمال المشبوهة قرار صائب وفعل سديد، وينبغي لزوجتك أن تعينك عليه، وتكون مثل تلك المرأة الصالحة التي توصي زوجها حين يخرج للكسب قائلة: اتق الله فينا ولا تطعمنا حراماً، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.
ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن يتق الله ييسر أمره ويرزقه من حيث لا يحتسب كما في قوله: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}، ولا يجوز لزوجتك أن تسألك الطلاق لمثل هذا، ونعيذها أن تكون كمن قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان من حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. وروى ابن ماجه في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تسأل المرأة زوجها طلاقها من غير كنهه فتجد ريح الجنة. وعدم نزولك عند رغبتها في الفراق هو الأولى، ولا إثم عليك فيه ما دمت لم تمنعها حقاً من حقوقها، وننصحكما بالصبر وتجاوز الخلافات البسيطة، وينبغي لك أن تجيبها إلى ما تسألك من المباح فتوسع عليها إن كان ذلك في مقدورك وطاقتك من غير إسراف ولا تقتير، ودون التكسب من الحرام أو الوقوع فيه، قال تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ {الطلاق:6}، وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8622، 48166، 49823.
وننصحك بكثرة الدعاء أن ترزقا المودة والرحمة والألفة، وأن يصلحها الله لك كما أصلح لزكريا زوجه، ونوصيكما بالصبر وتقوى الله عز وجل، فمن اتقاه سهل أمره، وفرج كربه، وأبدله من عسره يسراً، ورزقه من حيث لا يحتسب. وللفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 1867، والفتوى رقم: 71662.
والله أعلم.