الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا دخل المسافر مسجدا والصلاة فيه لم تقم فينظر.. فإن دخل -مثلاً- وقت صلاة المغرب وهو يريد أن يجمع بين الصلاتين فالأفضل له أن ينتظر ويصلي مع الناس صلاة المغرب ثم يصلي العشاء ركعتين، وهكذا إذا دخل وقت صلاة الظهر فإنه يصلي معهم الظهر تامة لأنهم مقيمون ثم يصلي العصر ركعتين.
وإن دخل وقت الصلاة الثانية وهي العصر أو العشاء، فالأفضل له أن يصلي الأولى التي هي المغرب ثلاثاً أو الظهر ركعتين ثم يصلي معهم الصلاة الثانية تامة لكونهم مقيمين، ويجوز أن يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء فإذا أدركهم وقد صلوا ركعة فيصلي معهم ويسلم معهم، وإن أدركهم من بداية الصلاة فإنه يجلس عند قيامهم للرابعة ويتشهد وينتظر حتى يسلموا فيسلم معهم، ويجوز العكس أيضاً، قال النووي في المجموع: ولو صلى الظهر خلف المغرب جاز باتفاق (أي عند الشافعية خلافاً للجمهور) ويتخير إذا جلس الإمام في التشهد الأخير بين مفارقته لإتمام ما عليه وبين الاستمرار معه حتى يسلم الإمام، ثم يقوم المأموم إلى ركعته. انتهى.
والأفضل أن يصلي المغرب وحده ثم يصلي معهم العشاء خروجاً من خلاف جمهور أهل العلم الذين يرون أنه لا بد أن تتحد صلاة الإمام والمأموم، والراجح عدم اشتراط ذلك لما في الصحيحين: أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم إماماً. ونيته نافلة ونيتهم فريضة.
وإن كان لا يتمكن من الانتظار لخوف ذهاب رفقته -مثلاً- فلا حرج عليه في أن يصلي منفرداً قبل إقامة الصلاة أو أثناء إقامتها، ولا كراهة في ذلك لوجود الحاجة، قال الإمام النووي -رحمه الله- وهو يعدد أعذار الجماعة: ومنها: أن يريد سفراً وترتحل الرفقة.
وأما صلاته منفرداً حال قيام الجماعة في المسجد بلا عذر فصلاته صحيحة، ويأثم على القول بوجوب صلاة الجماعة.
والله أعلم.