الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن كفالة الأيتام من أعظم القربات إلى الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا... وأشار بأصبعية السبابة والوسطى. رواه البخاري.
فهذه منزلة عظيمة ينبغي لكل مسلم أن يسعى لنيلها ونرجو أن يكون جدك ممن نال هذه المنزلة الرفيعة، وأما ما ذكرته من أمر الوثيقة التي حررت في المحكمة ووقعت من طرف جدكم وشاهدين معه، فإنها تعتبر بمنزلة الوصية للطفلة المذكورة وهي وصية صحيحة لتوثيقها وعدم إرث صاحبتها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة لكم في أعمالكم. رواه أحمد وابن ماجه.
ومقدار الوصية هنا يكون قدر نصيب إحدى بناته من التركة إن كان ثلث التركة أو أقل منه، ولا يدفع لها ما زاد على الثلث لما في الصحيحين وغيرهما من أن الوصية لا تتجاوز الثلث، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: .... الثلث، والثلث كثير.
ولذلك فإن على أبيك أن يدفع لهذه البنت ما أوصى به جدك ما لم يتجاوز ثلث ما له ما دام ذلك على سبيل الوصية وما دام جدك لم يتبنها ولم يعطها ذلك على سبيل الإرث، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 3152، والفتوى رقم: 17791.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.