الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتجاوز المرأة على زوجها بالكلام كالشتم ونحوه تأثم عليه الزوجة، وللزوج تأديبها عليه، لكن لا تعتبر به الزوجة ناشزا، بحيث تعامل معاملة الناشز، قال في فتوحات الوهاب من الشافعية: فمن خرجت عن طاعة زوجها كأن خرجت من مسكنه بغير إذنه أو لم تفتح له الباب ليدخل أو لم تمكنه من نفسها لا تستحق قسما كما لا تستحق نفقة. اهـ
قال في الشرح: خرج بذلك ضربها له وشتمها فلا يعد نشوزا. اهـ
وقال في مغني المحتاج من الشافعية: والنشوز هو الخروج من المنزل بغير إذن الزوج.. وكمنعها الزوج من الاستمتاع ولو غير الجماع لا منعها له منه أي الاستمتاع تدللا ولا الشتم له ولا الإيذاء له باللسان أو غيره بل تأثم به وتستحق التأديب عليه. اهـ
وهل يرفع الأمر إلى الحاكم ليقوم بتأديبها أم يؤدبها بنفسه وجهان عند الشافعية أصحها أن له أن يؤدبها بنفسه، ففي حاشية قليوبي وعميرة على المنهاج للنووي قال: لو صدر منها شتم له وبذاءة لسان فهل له تأديبها أو يرفع الأمر إلى الحاكم وجهان أصحهما ما في زوائد الروضة أن له ذلك لأن في رفعها إلى الحاكم مشقة وعارا وجزم به الرافعي في باب التعزير.
فإذا تقرر أن له تأديبها وأنه يقوم بذلك بنفسه على الأصح فله أن يؤدب بالضرب.
قال زكريا الأنصاري رحمه الله في أسنى المطالب: لو حلف لا يضربها إلا بواجب فشتمته فضربها بالخشب مثلا لم تطلق لضربه لها بواجب إذ المراد بالواجب ما تستحق الضرب عليه تأديبا. انتهى بتصرف يسير، وقد نص علماء الحنفية على أن له ذلك.
قال في غمز عيون البصائر شرح الاشباه والنظائر: للزوج أن يضرب زوجته على أربع وما بمعناها على ترك الزينة بعد طلبها، وعلى عدم إجابتها إلى فراشه وهي طاهرة من الحيض والنفاس، وعلى خروجها من منزله بغير إذنه بغير حق، وعلى ترك الصلاة في رواية.
قال في الشرح: وليس في كلام المصنف رحمه الله ما يقتضي أنه ليس له ضربها في غير هذه الأربعة ولهذا قال الولوالجي في فتاواه: للزوج أن يضرب زوجته على أربعة أشياء وما في معناها، ففي قوله: وما في معناها إفادة عدم الحصر، فما في معناها ما إذا ضربت جارية زوجها غيرة ولم تتعظ بوعظه فله ضربها كذا في القنية وينبغي أن يلحق به ما إذا ضربت الولد الذي لا يعقل عند بكائه لأن ضرب الدابة إذا كان ممنوعا فهذا أولى ومنه ما إذا شتمته أو مزقت ثيابه أو أخذدت لحيته أو قالت له: يا حمار يا أبله يا بغلة أو لعنته.
تنبيه: إنما يجوز الضرب إن أفاد ضربها في ظنه وإلا فلا يضربها كما صرح به الإمام وغيره، ولا يأتي بضرب مبرح ولا على الوجه والمهالك، وعبر في الأنوار بالوجوب في ذلك، وهو ظاهر والأولى له العفو عن الضرب وخبر النهي عن ضرب النساء محمول على ذلك أو على الضرب بغير سبب يقتضيه. اهـ قاله في مغني المحتاج على الشرح المنهاج.
والله أعلم.