الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائل إلى أنه إذا كان الزوج يمر بضائقة مالية أو عسر بعد يسار، وكان مع ذلك يستطيع أن يوفر لزوجته ما لا غنى عنه من الضروريات، كقوت يومها وكسوتها ومسكن يؤويها، فليس لها حق في طلب الطلاق والانفصال عنه، لقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق:7].
ومن حسن العشرة أن تقف الزوجة بجوار زوجها، لا سيما إذا مرت به محنة، أو ألمت به نازلة، لا أن تتخلص منه بالفراق مع تقلب الأيام وتصرف الليالي، ومن لا تطيق العيش مع زوجها إلا في حال الرخاء فقط، فهي تدلل على سوء عشرتها، وعدم فهمها وإدراكها لرباط الزوجية المبني على المودة والرحمة.
أما إن كان الزوج معسراً ولا يستطيع أن يفي بضروريات الزوجة من قوت يومها وكسوتها ونحو ذلك مما لا بد منه، فلها أن تفارقه، لقوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أعسر الرجل بنفقة امرأته يفرق بينهما. رواه الدارقطني والبيهقي.
قال ابن المنذر: ثبت أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد أن ينفقوا أو يطلقوا.
ويتعين على الزوج الإمساك بالمعروف، فإذا كان إمساكه لها مع إعساره الذي لا يستطيع معه أن يوفر لها الضروريات، مما يسب لها ضرراً بالغاً، فيحرم عليه إمساكها، لأن المعروف يستوجب تسريحها بإحسان. قال تعالى: وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا [البقرة:231].
والله أعلم.