الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا تشترط النية في الرضاع، فلو شرب طفل في الحولين من لبن امرأة قد وضعته في إناء دون علمها، أو ارتضع منها وهي نائمة، وكان هذا القدر يبلغ القدر المحرم، صار هذا الطفل ابناً مباشراً لهذه المرأة، ولو كانت جدته، فإنه يصير أخاً لأبنائها، والقدر المحرم هو خمس رضعات، وإلى هذا ذهب الشافعي وإسحاق وأحمد، وهو الراجح لما رواه مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنَّ فيما يقرأ من القرآن.
والمعنى أن النسخ تأخر جداً، حتى إن بعضهم لم يعلم بالنسخ، فكان يقرؤه لتأخر علمه بنسخه.
وفي الموطأ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لسهلة بنت سهيل: أرضعيه يعني - سالما مولى أبي حذيفة - خمس رضعات، فيحرم بلبنك" ففعلت، وكانت تراه ابناً من الرضاعة. ورواه ابن حبان في صحيحه.
وفي المسألة خلاف طويل وعريض، وعلى ما ذهب إليه الشافعي وأحمد وغيرهما من أن ما دون خمس رضعات لا يحرم، وهو الراجح، فلا تعتبر الحفيدة بنتاً للجدة، لأنه لم يتحقق حصول خمس رضعات ، بل لم يتحقق حصول أي رضاع أصلا ، وذلك أن الجدة قالت: إنها لا تدري أرضعت البنت منها أم لا؟ بمعنى أنها لم تتحقق من وصول اللبن إلى حلقها، والرضاع ما دام لم يتحقق لا عبرة به، ولا أثر للشك فيه، قولاً واحداً.
والله أعلم.