الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته عن زوجك من أنه مصمم ومتأكد من ذاكرته القوية، وأنه ينفي أن تكوني قد قلت له تلك الكلمة الجارحة، وما ذكرت أنه أحضره لك من دليل على عدم قولك لتلك الكلمة له، وأنك لو كنت قلتها لقام فوراً بطلاقك أو لكان من شدة إهانتها قد فقد التحكم في أعصابه، وأنه من المؤكد أن تكوني أنت وإياه متذكرين تلك الآثار، وأنه يعرفك مؤدبة لا تتجرئين على إلقاء مثل هذه الكلمات... وما ذكرته عن أمك من قولها لك: يا ابنتي! أنت لم تفعلي شيئاً معي، وما ذكرته من ضحكها وبسطتها... أقول: إن هذه الأمور كلها وغيرها مما فصلته في سؤالك، تدل بوضوح على أن تلك الأخطاء لم تصدر منك، وإنما يوسوس لك الشيطان بها ليتعبك وينغص عليك سعادتك واستراحتك.
ولو افترضنا -جدلاً- أنك قد ارتكبت شيئاً من تلك الأخطاء، فإن الشرط الأول من شروط التوبة هو الندم، وأنت في أشد ندم على هذه الأمور، كما أن الذنوب التي فيها حقوق للعباد يشترط لعفوها أن يعفو أصحابها عن حقوقهم، وأنت قد ذكرت عن أمك وزوجك ما ذكرته من المسامحة والرضا عنك.
واعلمي أن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، كما روى ابن ماجه عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهوني على نفسك ولا تتركي الشيطان يلعب بك، ثم اعلمي أنه ليس من دليل على أن الله عز وجل عندما يعفو عن التائب أنه لا بد أن ينسيه ذنبه.
وفيما إذا كان يصح أن تطلبي من الله في دعائك أن ينسيك ذنوبك، فجوابه أن الله تعالى قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة عليه، ما لم يكن آثماً أو قطيعة رحم، وعليه فلا حرج في أن تطلبي ذلك من الله تعالى.
والله أعلم.