الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الذي يحكم العلاقة بين الموظف وصاحب العمل هو العقد المبرم بينهما، سواء كان هذا العقد مشافهة أو مكتوبا، فالكتابة إنما جعلت لمجرد التوثيق وقطع النزاع ، فمن التزم شيئا مشافهة لزمه ولو لم يكتب.
وعليه، فينظر في الاتفاق بين الأخ السائل وصاحب العمل فإن كانا اتفقا على أن يدفع صاحب العمل إيجار البيت من ضمن الأجرة على العمل، وحدد لهذه الإجارة زمنا كسنة أو سنتين أو ثلاثا فيلزم صاحب العمل دفع كامل الأجرة إلى الموظف.
وأما إن لم يحدد لذلك زمنا بحيث دخلا في العقد على أن لكل واحد منهما حل العقد متى ما شاء، فهذا النوع من الإجارة داخل فيما يعرف بالإجارة بالمشاهرة أوالمياومة أو المساناة، أي أن يدخل في عقد إجارة على أن كل شهر بكذا أو كل يوم بكذا أو كل سنة بكذا بدون أن يحددا لذلك زمنا بتعيين أو بعدد، ويدل على جواز هذا النوع من الإجارة ما روي عن ابن عمر أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرهم على أن يكفوا العمل ولهم شطر الثمرة فقال: نقركم على ذلك ما شئنا.
وفي هذا النوع من الإجارة تلزم المستأجر الأجرة للمدة كاملة متى شرع الأجير في العمل، فإذا استأجره كل سنة بكذا فشرع في العمل لزمته أجرة سنة، وقيل: يلزمه أقل ما سميا فإن سميا شهرا لزمته أجرة الشهر، وإن سميا سنة فأجرة سنة، ولو لم يشرع في العمل، وقيل: ليس له إلا بقدر ما عمل.
والذي نفتي به أنه متى ما شرع الأجير في العمل لزم المستأجر أجرة المدة كلها.
جاء في شرح تحفة الحكام من كتب المالكية ما يلي: وفي المسألة قول ثالث لا يلزمه شيء كالقول الأول حتى يشرع في السكنى فيلزمه أقل ما يسمى.. وعلى هذا القول الثالث العمل عندنا.. اهـ
وفي ضوء ما تقدم فحيث لزم صاحب العمل الأجرة فجحدها فإنه يجوز للأجير استيفاء ذلك من ماله بدون علمه إن لم يتمكن من حقه إلا بهذه الطريقة.
وحيث لم يلزمه فيحرم على الأجير أخذ شيء من ماله بدون إذن منه لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188}
والله أعلم.