الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية نقول إن عصيان الزوجة لزوجها حرام وقد ورد فيه وعيد شديد لاسيما فيما يتعلق بالفراش، فعلى الزوجة أن تتقي الله عز وجل وتتوب إليه، وتطيع زوجها في المعروف، ولا تمتنع عما أوجب الله عليها من الحق، وأن تحسن عشرة زوجها ولا تدعو عليه بغير حق، وأن تتقي الله في غيابه وتحفظه في نفسها، كما أن طلبها للطلاق من غير عذر معصية وسبق بيانه في الفتوى رقم: 17322.
وعلى الزوج أن يمسك زوجته بمعروف، وليس له أن يؤاخذها بما تابت منه، ولا أن يتبع زلاتها، بل يعاملها بالظاهر، ويحسن بها الظن.
ولا ينبغي للزوج أن يضمر في نفسه السوء للزوجة ويتربص بها الوقوع في الخطأ حتى يعضلها، وعليه أن يمسكها بمعروف أو يسرحها بإحسان، كما أن على الزوجة أن تفي مع زوجها ولا تمثل عليه، وتمضي الوقت معه حتى تحين لها الفرصة لطلب الطلاق، وعليها إما أن تعاشره بمعروف، أو تخالعه إذا كانت لا تطيق البقاء معه، وقد أباح الله عز وجل عضل الزوجة عند اقترافها فاحشة مبينة، وقد اختلف في الفاحشة هل هي الزنا فحسب أم تشمل كل معصية وبذاءة لسان ونحوه، وهذا ما رجحه جمع من العلماء ومنهم ابن جرير في التفسير قال ابن كثير في معنى قوله: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء: 19} قال ابن مسعود وابن عباس: يعني بذلك الزنا يعني إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق الذي أعطيتها وتضاجرها حتى تتركه لك وتخالعها.. وقال ابن عباس وعكرمة والضحاك: الفاحشة المبينة النشوز والعصيان واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله الزنا والعصيان والنشوز وبذاء اللسان وغير ذلك يعني أن كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها وهذا جيد) انتهى
وعليه فللزوج عند ركوب الزوجة فاحشة في المستقبل - لا ما حصل منها ثم تابت منه - أن يعضلها حتى تفتدي منه وترد عليه ما أعطاها وتبرئه من مؤخر الصداق، وليس له إخراجها من البيت، فإن الإخراج من البيت عند فعل الفاحشة إنما هو للمعتدة قال تعالى: إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {الطَّلاق:1} قال الطبري في التفسير: "عني بالفاحشة في هذا الموضع: المعصية وذلك أن الفاحشة هي كل أمر قبيح تعدى فيه حده فالزنى من ذلك والسرقة والبذاء على الأحماء وخروجها متحولة عن منزلها الذي يلزمها أن تعتد فيه منه فأي ذلك فعلت وهي في عدتها فلزوجها إخراجها من بيتها ذلك لإتيانها بالفاحشة التي ركبتها " انتهى.
أما وهي في عصمته فإنها تستحق عليه السكنى وليس له أن يخرجها من البيت إلا في حالة النشوز، فإذا نشزت كان له إخراجها، لأن السكنى تابعة للنفقة، ومعلوم أن الناشز لا تستحق النفقة قال ابن قدامة في المغني: فمتى امتنعت عن فراشه أو خرجت من منزله فلا نفقة لها ولا سكنى في قول عامة أهل العلم.
وله أن يخرجها قبل أن يعظها ويهجرها ويضربها، لأن هذه الثلاثة حق للزوج وله تركها.
والله أعلم.