الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن دخل المسجد ومر بطائفة من الناس فيه قبل أن يصل إلى المكان الذي سيصلي فيه فإنه يستحب له إلقاء السلام عليهم بما لا يزعج المصلين أو يشغلهم، ولا ينبغي أن يقتصر في السلام على من هم حول المكان الذي سيصلي فيه، بل السنة أن يعدده على كل طائفة مر بها ولم تسمع سلامه السابق؛ إلا إذا كان المسجد واسعا كمسجد مكة والمدينة وغيرهما من المساجد الكبيرة وهو مليء بالناس وهم متصلون ببعضهم فإنه يكتفي بالسلام عند الدخول وعند موضع صلاته؛ لما في تكراره من العسر والمشقة والتشويش بفعل ذلك من كل داخل.
وأما إذا كان الناس في مكان في المسجد ودخله ولم يمر بهم عند دخوله فإنه يبدأ بتحية المسجد ثم الذهاب إليهم والسلام عليهم. ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام، وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل ... فهذا الحديث يدل على أنه يبدأ بتحية المسجد قبل الصلاة لمن لم يمر بالناس قبل المكان الذي سيصلي فيه، واستدل به بعض أهل العلم على البدء بتحية المسجد مطلقا، ذكر هذا الاستدلال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد.
والله أعلم.