الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمما لا شك فيه أن الرشوة عمل محرم، وأنها من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة:42}، قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة، وروى ابن جرير عن علقمة ومسروق أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة فقال: من السحت.
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، وهو من يدفع الرشوة، والمرتشي: وهو من يأخذها، والرائش: وهو الساعي بينهما، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وفي رواية لأحمد والحاكم (والرائش)، ولكن التعريف الصحيح للرشوة أنها ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل، أو ليتوصل بها إلى ما لا يستحق.
فإذا لم يجد المرء بدا من دفع شيء من المال لينجو من فتنة أو يخلص من ورطة فإن ذلك لا يحرم عليه حينئذ، بل يكون هو المتعين في حقه، لأن من القواعد الشرعية ارتكاب أخف الضررين إذا لم يمكن تجنبهما.
وعليه فالمتعين لمن وقعت في مثل ما ذكرته أن تدفع المال دون ذلك، وفي هذه الحالة لا يعتبر رشوة في حقها، وإنما في حق الآخذ، ولا شك في أن دفع المال أخف من تعرضهن للسجن أو لخلع الحجاب أمام الناس.
والله أعلم.