الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يتسع المقام لسرد ما جرى بين الصحابة في أمر اختيار الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفاصيل هذه الأحداث مدونة في كتب السنة كصحيح البخاري ومسند الإمام أحمد، وليس صحيحاً ما ذكر من أن عليا رضي الله عنه لم يكن راضياً بخلافة أبي بكر رضي الله عنه، بل الثابت أنه قد بايعه مرتين، وراجع للمزيد في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2996، 21396، 26262.
ونود أن ننبه هنا على بعض الأمور المهمة، ومنها ما يلي:
أولاً: أن أمر الخلافة من الأمور العظيمة والتي لها شأن، ومن هنا كانت محل اهتمام الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع الخوض في أمرها والأخذ والرد بينهم رضي الله عنهم، ولم يكن ذلك عن هوى منهم وحب للرئاسة، وإنما كان عن اجتهاد وطلب للنصح، وما فيه مصلحة الأمة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 26062.
ثانياً: ليس كل ما في كتب التاريخ مما جرى في تلك القضية صحيحاً، بل منه ما هو ثابت ومنه ما هو باطل أو مكذوب، وذلك أن هذه الكتب لم يشترط أصحابها نقل ما صح فقط.
ثالثاً: أن الواجب علينا أن تسلم صدورنا تجاه الصحابة رضي الله عنهم وأن نحفظ ألسنتا عن الوقيعة فيهم، فلا نذكرهم إلا بخير، وأن نعتقد أنهم مجتهدون، فللمصيب منهم أجران، وللمخطئ أجر الاجتهاد.
رابعاً: أن يسأل المسلم نفسه، ما الفائدة التي تعود عليه إن هو خاض في أمر ما حصل بين الصحابة رضي الله عنهم، فإن ذلك قد يجر إليه البلاء، ويرجع إليه بالندم.
والله أعلم.