الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في الكذب أنه لا يجوز، لما تواتر من ذمه. قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ {غافر: 28}. وفي الحديث المتفق عليه: إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا".
ومع هذا فقد جوزه المحققون في كل ما فيه مصلحة دون مضرة للغير، يقول ابن الجوزي ما نصه: وضابطه أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فهو مباح إن كان المقصود مباحا، وإن كان واجبا، فهو واجب.
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" ج 2 ص 145: يجوز كذب الإنسان على نفسه، وعلى غيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير، إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجاج بن علاط على المشركين حتى أخذ ماله من مكة من غير مضرة لحقت بالمسلمين من ذلك الكذب، وأما ما نال من بمكة من المسلمين من الأذى والحزن، فمفسدة يسيرة في جنب المصلحة التي حصلت بالكذب.
فهذه النصوص –كما رأيت- قد رخصت في الكذب في بعض الحالات، ولكننا نرشدك إلى ما هو أحوط لدينك.
وذلك أن التورية قد أباحها أهل العلم، وفيها –دون شك- مخرج مما ذكرت أنك فيه من الحرج. فقد ترجم البخاري قال: باب المعاريض مندوحة عن الكذب، وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: صحبت عمران بن حصين إلى البصرة فما أتى علينا يوم إلا أنشدنا فيه الشعر وقال إن في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب. وهذا الأثر صححه الألباني وغيره.
وطريقة التورية هي أن تخبر الناس بضد الخبر الذي تريد إخفاءه، ويكون قصدك بذلك الإخبارَ عن شيء آخر تستحضره في ذهنك.
وفيما يخص احتمال كون الأطباء ومساعديهم سيكون من بينهم نساء في غرفة العمليات، فالواجب أن تمنع ذلك إن كنت تستطيعه، أو تطلبه منهم على الأقل، فإن عرفت أنهم لا يستجيبون لطلبك، فلا حرج عليك فيما سيكون؛ لأنك مضطر إلى العملية، كما ذكرت، والضرورات تباح لها المحظورات.
والله أعلم.