الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نفهم مقصود السائل بالرخاوة، فإذا كان مقصوده بالرخاوة في الصلاة النعاس أو مراخاة الجسم نتيجة لتعب أو كسل ونحو ذلك وعلى الاحتمالين فالصلاة صحيحة إذا أتي بأركانها ولا يضره النعاس أو رخاوة الجسم لأنهما لا يبطلان الطهارة.
إلا أن المطلوب من المصلي أن يتهيأ لصلاته ويقبل عليها برغبة ونشاط لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه.
قال النووي رحمه الله: وفيه الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحو مما يذهب عنه النعاس فهذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، لكن لا يخرج فريضة عن وقتها....انتهى
وقال الشيخ الباجي رحمه الله في المنتقى: وإن جرى ذلك في صلاة الفرض فكان في الوقت من السعة ما يعلم أنه يذهب عنه فيه النعاس ويدرك صلاته أو يعلم أن معه من يوقظه فليرقد وليتفرغ لإقامة صلاته في وقتها فإن كان في ضيق الوقت وعلم أنه إن رقد فاته الوقت فليصل ما يمكن وليجهد نفسه في تصحيح صلاته ثم يرقد فإن تيقن أنه قد أتى في ذلك بالفرض وإلا قضاها بعد نومه.
وقال الولي العراقي رحمه الله في طرح التثريب عند شرح حديث: إذا قعد أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع قال والدي رحمه الله تعالى: ظواهر الأحاديث تقتضي وجوب ذلك يعني الاضطجاع، فأما من حيث المعنى فإن كان النعاس خفيفا بحيث يعلم المصلي الناعس أنه أتى بواجبات الصلاة فصلاته صحيحة، وإن كان بحيث لا يعلم ما أتى به من الواجبات فصلاته غير صحيحة . انتهى بتصرف، وهذا عام في صلاة الفرض والنفل، كما ذكر النووي أنه مذهب الجمهور.
وأما صلاة الصبح بعد طلوع الشمس فصحيحة ولكن من أخرها عن وقتها لعذر كنوم فلا شيء عليه وقد حصل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ففي صحيح البخاري وغيره عن عن عمران قال: كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وإنا أسرينا حتى كنا في آخر الليل وقعنا وقعة ولا وقعة أحلى عند المسافر منها فما أيقظنا إلا حر الشمس وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان يسميهم أبو رجاء فنسي عوف ثم عمر بن الخطاب الرابع وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس وكان رجلا جليدا فكبر ورفع صوته بالتكبير فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم قال: لا ضير أو لا يضير، ارتحلوا فارتحل فسار غير بعيد ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ ونودي بالصلاة فصلى بالناس).
وأما إذا أخر الصلاة حتى طلعت الشمس متعمدا فهو آثم وعليه القضاء.
والله أعلم.