الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل هو أن يؤتمن العمال على ما في أيديهم من العمل، وأن يوكلوا إلى ضمائرهم، وكون الله مطلعا عليهم. ولا مانع في ذلك من زيارات تفتيشية مفاجأة بحيث يبقى العمال دائما في وضع يترقبون فيه حدوث تفتيش، وهذا أجدى وأكثر أثرا وأنفع فيما نعلم من وضع كاميرات مراقبة ثابتة تعمل على مدار الساعة ومع هذا فإذا تعينت هذه الكاميرات وسيلة فلا نرى مانعا يمنع من وضعها بشرط أن يكون ذلك لمجرد الاطلاع على سير العمل والتأكد من حسنه ما لم يترتب على ذلك مانع شرعي خارج من الاطلاع على النساء الأجنبيات وسوء الظن بالموظفين الأمناء ..
وليس هذا في هذه الحالة من باب التجسس المذموم ما دام العمال على علم بوجود هذه الكاميرات، بل هو من باب قيام المسؤول بعمله والاطلاع على سلامة سيره ليطمئن قلبه.
و الأصل بل الواجب على الموظفين والعمال أن يقوموا بأعمالهم دون مراقبة وعلى أكمل وجه، وحسب ما يقتضيه عقد العمل، بل ينبغي لهم أن يزيدوا على ذلك ويحسنوا فإن الله عز وجل يقول: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. {البقرة: من الآية195}.
ويقول النبي- صلى الله عليه وسلم- "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"رواه الطبراني وصححه الألباني في السلسلة ، وفي رواية: إن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن.
فإذا أحس صاحب العمل أن الموظف ثقة ناصح وأمين جاد في عمله فإنه لا ينبغي له أن يتجسس عليه لغير داع من مصلحة العمل لما في ذلك من إفساد قلوب الناس وتخوين النصحاء الأمناء ..
ولا يجوز لصاحب العمل التجسس على العمال والموظفين أو الاطلاع على أمورهم الخاصة مما لا تعلق له بالعمل، فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.
ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك! والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك.
والله أعلم.