الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي جواب هذا السؤال ثلاث مسائل:
الأولى: حكم استئجار أجير براتب ونسبة من عمله، وهذه تقدم الجواب عليها في الفتوى رقم: 58979.
وقلنا: إن جمهور أهل العلم لا يجوزون ذلك لما فيه من جهالة الأجرة، بينما ذهب البعض إلى جوازه.
الثانية: أنه لا يجوز للأجير الخاص في مدة الإجارة أن يعمل لغير مستأجره؛ لأن المستأجر يملك منافع الأجير الخاص في مدة الإجارة، فإن عمل فأضر بالمستأجر فإن المستأجر يرجع عليه بقدر ذلك الضرر، وقيل يرجع بما أخذه الأجير من عمل له. جاء في كشاف القناع: فإن عمل الأجير الخاص لغير مستأجره وأضر بالمستأجر فله أي المستأجر قيمة ما فوته من منفعته عليه بعمله لغيره، قال أحمد في رجل استأجر أجيرا على أن يحتطب له على حمارين كل يوم فكان الرجل ينقل عليهما وعلى حمير لرجل آخر ويأخذ منه الأجرة فإن كان يدخل عليه ضرر يرجع عليه بالقيمة قال في المغني: فظاهر هذا أن المستأجر يرجع على الاجير بقيمة ما استضر باشتغاله عن عمله. قال: ويحتمل أنه أراد أنه يرجع عليه بقيمة ما عمله لغيره وقال القاضي: معناه يرجع عليه بقيمة ما عمله لغيره. وقال القاضي: معناه يرجع بالأجر الذي أخذه من الآخر لأن منافعه في هذه المدة مملوكة لغيره فما حصل في مقابلتها يكون للذي استأجره. انتهى. وعلم منه أنه إذا لم يستضر لا يرجع بشيء لأنه اكتراه لعمل فوفاه على التمام.
وعليه، لا يجوز للأخ السائل أن يعمل لنفسه أثناء دوامه في المكتب، وما اكتسبه من وراء ذلك فهو حق لصاحب المكتب، لأننا نعلم أن الموظف إذا عمل لنفسه وقت عمله الرسمي فإنه يضر بصاحب المكتب ولا بد.
المسألة الثالثة: إذا ترتب حق على المستأجر للأجير فجحده هذا الحق ولم يوفه إياه، ولم يقدر على أخذه منه إلا خفية وخلسة، فإن ذلك جائز. ومعنى ذلك أن يطالب الأجير بحقه فإن لم يجد طريقة لأخذه إلا تلك الطريقة فلا بأس وهذا الحق لا يكون إلا في مدة العقد المبرمة سابقا. أما إذا انتهت مدة العقد السابقة وظل صاحب المكتب مصرا على رأيه فمعنى ذلك أنه على العامل أن يختار بين أمرين فإما أن يقبل بهذا المعروض عليه فيما يستقبل من الزمان وإما أن يترك العمل.
والله أعلم.