الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرت أن ذلك الشاب قام به من سرقة سيارة أبيه دون علم من أبيه، وأنه قادها بسرعة تقارب من الـ 160 كيلومترا في الساعة، ومن ثم قتل خمسة أشخاص منهم الصغير ومنهم الكبير، هو -في الحقيقة- خطأ كبير جدا.
فأخذ السيارة دون علم مالكها تعد على حق الغير بغير حق، وقيادتها بتلك الطريقة أشنع من تعديها.
والسن التي كان فيها الشاب تعتبر سن تكليف على الراجح من أقوال أهل العلم. ومع هذا فإن القتل المذكور يعد من قبيل قتل الخطأ فيما هو ظاهر.
ومن قتل أنفسا خطأ فعليه كفارة عن كل نفس، وعلى عاقلته ديات جميع القتلى. ودليل ذلك قول الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً { النساء:92}، ولأن لكل نفس حرمتها المختصة بها، فلا تغني عن كفارتها كفارة عن نفس أخرى غيرها. وهذا كما قلنا في الظاهر الذي يجب أن تدفع الديات وتؤدي الكفارات على أساسه. أما في الباطن فالشاب قد لا يسلم عند الله من تبعات القتل العمد الذي تسبب فعله فيه.
ولا يغير مما ذكرناه كون الدولة التي وقع فيها هذا الحادث تحكم بقوانين وضعية؛ لأن الشاب ليس عليه قصاص طالما أن القتل لم يكن متعمدا، وأما التعزير فهو مستحق له، ويقوم مقامه أية عقوبة تفعل به من السلطات التي هو تحت إمرتها.
والله أعلم.