الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في الهدية أنها مستحبة ولا ترد، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه الإمام مالك في الموطأ، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: لو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت. فقد أفاد الحديث الأول استحباب تهادي الإخوان بعضهم لبعض، وأنه يجلب المحبة بينهم، ويزيل الحقد والحسد من قلوبهم، كما أفاد الحديث الثاني أن الهدية لا ينبغي أن ترد ولو كانت حقيرة، وقد خرج من هذا الاستحباب الإهداء للقاضي ومن في معناه ممن لم يكن يهدى له أصلاً سداً لذريعة الرشوة.
وهدية الطالب إلى المدرس إذا كانت بقصد محاباته في رفع درجاته في الامتحان أو لإعطائه ميزة على حساب غيره، كانت رشوة وحرم على المدرس أخذها، وإن لم يتعلق بها غرض سيء لم يحرم أخذها، ولكنه ينبغي للمهدى له أن يكافئ بمثل ما أهدي إليه به، فعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعطي عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن. وليس من شك في أن المكافأة تبعد احتمال قصد الرشوة.
والله أعلم.