الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما سؤالك عما إذا كان يجوز للمرأة المطلقة أن تزوج نفسها، فجوابه أن ذلك لا يجوز لها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. كما في المستدرك وصحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل... كما في صحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها، ويفسخ النكاح لأن عمر رضي الله عنه رد نكاح امرأة نكحت بغير ولي؛ كما في سنن البيهقي.
وأما قولك إنك من شمال إفريقيا ومذهبك مالكي، وتسألين عما إذا كان يجوز لك أن تستندي إلى المذهب الحنفي الذي يبيح للمرأة تزويج نفسها، فجوابه أن المذهب الحنفي مرجوح في هذه المسألة، لما بيناه من الأدلة، ولا يجوز لمن اطلع على مرجوحيته من الحنفية أنفسهم أن يقلده، لوجوب العمل بالراجح في المسائل الفقهية، فاستنادك إليه في هذه المسألة هو من تتبع رخص المذاهب والجري وراءها دون سبب من الأسباب المعتبرة، وذلك قد عده أهل العلم هروباً من التكاليف، وهدما لبنيان الدين، ونقضا لمقاصد الشرع المرعية في الأوامر والنواهي الشرعية، وقد اعتبر العلماء هذا العمل فسقاً لا يحل ارتكابه، وحكى ابن حزم الإجماع على ذلك، وقال في الإحكام نقلاً عن سليمان التيمي: لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله. ونقل ابن تيمية عن ابن عبد البر أنه قال: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً.
وأما تذكيرك بأنك التي أرسلت إلينا السؤال رقم (2138031) وتسألين الآن عما إذا كان يجوز لك أن تعاودي عقدك مع الزوج الثاني دون إعلام والدك، فجوابه في الفتوى التي أشرت إلى رقم سؤالها، وفيما ذكرناه الآن أيضاً.
ولكن إذا كان الحامل لك على جميع هذا هو الحرص على إخفاء أمرك عن أبيك وأهلك، فما المانع الآن من أن يعتزلك هذا الزوج الذي معك، وتنتظرا معا انقضاء عدتك من النكاح الأول، واستبراءك من وطء الزوج الحالي، ثم يتقدم الزوج الجديد لخطبتك من أبيك مدعيا أنه يوسوس في صحة العقد الأول، وأنه الآن يريد تأكيده بعقد لا يشك في صحته؟ فهذه طريقة ليس فيها حرج، ولا نرى أن أباك سيرفضها طالما أنه قد رضي بهذا الرجل زوجاً لك.
والله أعلم.