الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الأول الذي أشار إليه السائل هو حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر. رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
وأما الحديث الثاني الذي أشار إليه السائل فهو حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله.. الحديث. رواه مسلم وأحمد في مسنده.
ولا تعارض بين الحديثين لأن معنى حديث ابن مسعود أن من أحسن في الإسلام أي دخل فيه دخولا حقيقيا فهذا إسلامه يهدم ما كان قبله، ومن أساء أي دخل فيه ظاهرا ولم يدخل فيه باطنا فهذا منافق يؤاخذ بالأول والآخر، فالمراد بالإحسان حقيقة الإسلام، والمراد بالإساءة النفاق. وهذا قول النووي رحمه الله، ونقله عن المحققين من العلماء وجزم به القرطبي.
وقال بعض العلماء المراد بالإحسان الموت على الإسلام فمن مات على الإسلام فقد أحسن إسلامه. والمراد بالإساءة في الإسلام الموت على الكفر والعياذ بالله فيرتد ويموت على الكفر وهذا يؤاخذ بالأول والآخر، وهذا الذي مال إليه الحافظ ابن حجر في الفتح.
وبهذا يعلم الأخ السائل أنه لا تعارض بين الحديثين وأن من أسلم إسلاما حقيقيا ظاهرا وباطنا ومات على ذلك فإن إسلامه يهدم ما كان قبله من الذنوب والسيئات، وهذا معنى حديث عمرو بن العاص. وأما من كفر بعد إيمانه ومات على الكفر أو أسلم نفاقا فهذا يؤاخذ بالأول والآخر، وهذا معنى حديث ابن مسعود.
والله أعلم.