الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أنه ليس من حقنا أن نشدد أو نخفف في الفتاوى التي نصدرها إن لم نكن في ذلك التشديد أو التخفيف صادرين عن الدليل الذي أرانا الله أنه هو الراجح في المسألة، لأن غير ذلك يعتبر اتباعاً للهوى وقولا على الله بغير علم.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فالثلاسيميا -كما يقول المختصون- هي مرض وراثي يؤثر في صنع الدم، فتكون مادة الهيموغلوبين في كريات الدم الحمراء غير قادرة على القيام بوظيفتها، مما يسبب فقر الدم لدى الجنين، ويقول المختصون إن هذا المرض ينتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء، وأنه إذا كان أحد الوالدين حاملا للمرض أو مصابا به، فمن الممكن أن ينتقل إلى بعض الأبناء بصورته البسيطة، وأما إذا كان الوالدان يحملان المرض، فإن هناك احتمالاً بنسبة 25% أن يولد طفل مصاب بالمرض بصورته الشديدة.
ومع هذا فاعلم أن عملية الإجهاض محرمة شرعاً ولا يجوز الإقدام عليها، لأنها إن كانت قبل نفخ الروح في الجنين فهي من إهلاك النسل، وقد عد الله ذلك من الإفساد في الأرض الذي لا يحب من يقوم به، قال الله تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {البقرة:205}، وإن كانت بعد نفخ الروح في الجنين فهي جرم عظيم شنيع، لأنه قتل للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وقد استثنى العلماء حالتين يجوز فيهما الإجهاض:
الأولى: إذا كان الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم، ولا يثبت ذلك إلا بتقرير من طبيب مأمون موثوق بخبرته.
الثانية: إذا مات الجنين في بطن أمه، وبما أن الحالتين اللتين استثناها أهل العلم لا تشملان موضوعك، فإن ما سألت عنه من الإجهاض لا يجوز، لا قبل الشهر الرابع ولا بعده.
والله أعلم.