الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز مساعدة هؤلاء المتدربين على الغش والكذب وتزوير الفواتير بأكثر من قيمتها الحقيقية، لما في ذلك من المعاونة على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2}.
ويزداد الإثم ويعظم الجرم إذا كان المساعد لهم يتقاضى على ذلك نسبة فيضم إلى إثم المشاركة إثم أكل الحرام.
وسواء كان مدير الشركة يظلمك أو لا فلا يجوز لك هذا الفعل المشين، والواجب عليك هو التوبة إلى الله والامتناع عن ذلك في المستقبل، ولا يحملنك خوف انقطاع العائد المالي الذي تحصل عليه منهم على إجابتهم إلى تلك المساعدة، فإن الرزق مقسوم مقدر لا يزيده حرص حريص ولا ترده كراهية كاره قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {هود:6 }، وقال جل وعلا: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ {الذاريات:22} ، وقال صلى الله عليه وسلم: إن الروح الأمين نفث في روعي أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصي الله فإنه لا ينال ما عنده إلا بطاعته . رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وعبد الرزاق في مصنفه، والطبراني في معجمه الكبير.
وما اكتسبته من المال بسبب المساعدة على تزوير الفواتير فيجب عليك رده لأصحابه الذين دفعوا قيمة هذه الفواتير، ولو بطريقة غير مباشرة كالحوالة البريدية وما شابه ذلك، فإن عجزت عن ذلك لعدم قدرتك على المال بقي في ذمتك إلى حين القدرة عليه، وإن عجزت لعدم معرفتك بهم فأنفقه في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين ونحو ذلك.
وإذا كان صاحب الشركة يظلمك ويمنعك بعض حقوقك التي هي ثابتة لك بالعقد الذي لا يزال ساريا بينك وبينه فلك أن تطالبه برفع الظلم وأداء حقك، فإن أجاب إلى ذلك فالحمد لله، وإن لم يجب فلك أن تستوفي حقك مما قدرت عليه من ماله -لا من مال غيره- ولو بغير علمه، ولكن بشرط ألا تترتب على ذلك مفسدة أعظم من مصلحة حصولك على حقك، وبشرط أيضا أن تأخذ قدر حقك المتيقن فقط دون زيادة على ذلك. وهذا ما يعرف عند أهل العلم بمسألة الظفر، وقد تقدم الكلام فيها في الفتوى رقم: 28871.
ولا يجوز للموظف أو المتدرب ونحوه محاسبة الشركة على الإقامة في فندق خمسة نجوم بينما هو في الحقيقة قد أٌقام بشقة بربع ثمن الفندق و أخذ باقي المبلغ لنفسه لما في ذلك من الكذب والغش.
والله أعلم.