الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نهنئك بالتمسك والاعتزاز بدين الإسلام الذي جعله الله تعالى دينه الذي لا يرضى من أحد دينا سواه. كما قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ {آل عمران: 19} وقال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ{آل عمران: 85} كما أنه أيضا هو دين جميع الأنبياء والمرسلين من لدن آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فكلهم كانوا مسلمين، وقد جعل الشارع مقياس الكرامة وميزان التفاضل بين الناس عند الله تعالى بالتقوى، أما الأنساب والألوان واللغات... فالتفاضل بها من شأن الجاهلية الأولى التي قضى عليها الإسلام، ونبذتها نصوص الوحي في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من ذلك قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات:13}. وقد روى ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال: يا أيها الناس؛ إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب، قال الله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوادع فقال: يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. رواه البيهقي، وقال الألباني في صحيح الترغيب: صحيح لغيره،
وقد عمل المسلمون على مر كثير من العصور بالاعتراف لذي الفضل والتقوى بمكانته مهما كان نسبه وجنسه، بل إن قيادة المسلمين أيام الانتصارات العظمى للإسلام كان بعضها بيد البربر كما في فتح الأندلس، أو بيد الأكراد والأتراك كما في تحرير بيت المقدس من النصارى وفي فتح القسطنطينية.
وأما الأحاديث المذكورة في السؤال فلا يثبت منها شيء، ولعل وراء نشرها أياد خفية تريد تفرقة المسلمين.
فأما الحديث الأول ففيه روايات أغلبها لا يثبت كما يفيده كلام السخاوي والعجلوني والهيثمي ، ولم نر في شيء من الروايات الموجودة في المراجع التي بين أيدينا ذكر نفي الخير عن البربر، وأما حديث: الخبث سبعون جزءا فجزء في الجن والإنس وتسعة وستون في البربر. رواه الطبراني وفي سنده عبد الله بن صالح وهو ضعيف، وقد ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة.
وأما حديث أبي هريرة قال: جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أين أنت؟ قال: بربري، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم عني، قال بمرفقه كذا، فلما قام عنه أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الإيمان لا يجاوز حناجرهم. فقد قال فيه شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف ومتنه منكر......
أما البربر فهم قوم هداهم الله للإسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بزمن، فقد افتتح المسلمون بلادهم في زمن معاوية بن أبي سفيان بقيادة القائد المظفر عقبة بن نافع القرشي رحمه الله، ثم كانوا بعد مادة الجيش الإسلامي في فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد البربري رحمه الله
والله أعلم.