الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يجب على صاحب العمل أن يؤدي إلى العامل حقه كاملاً غير منقوص عملاً بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، ولكني ينبغي معرفة ما هو حق العامل أولاً؟ فحق العامل هو ما حصل الاتفاق عليه بينه وبين صاحب العمل، فإذا لم يدفع صاحب العمل للعامل ما اتفقا عليه وجحده ولم يقدر على أخذه بطريقة طبيعية فله أن يأخذه بأي طريقة أمكنت سواء كان المأخوذ الذي ظفر به من جنس حقه أو من غيره، لكن لا يأخذ منه إلا بقدر حقه فقط.
جاء في كتاب الأم للشافعي رحمه الله تعالى قال: ... دلت السنة واجتماع كثير من أهل العلم على أن يأخذ الرجل حقه لنفسه سراً من الذي هو عليه، فقد دل ذلك أن ليس بخيانة، الخيانة أخذ ما لا يحل أخذه، فلو خانني درهما قلت: قد استحل خيانتي لم يكن لي أن آخذ منه عشرة دراهم مكافأة بخيانته لي، وكان لي أن آخذ درهما ولا أكون بهذا خائناً ولا ظالما. انتهى.
ويقول الإمام القرطبي في تفسيره لقول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا. والصحيح جواز ذلك كيف ما توصل إلى أخذ حقه ما لم يعد سارقاً. وهو مذهب الشافعي وحكاه الداودي عن مالك وقال به ابن المنذر واختاره ابن العربي، وأن ذلك ليس خيانة وإنما هو وصول إلى الحق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً ومظلوماً. وأخذ الحق من الظالم نصر له.
وقال: واختلفوا إذا ظفر له بمال غير جنس ماله... فقيل: لا يأخذ إلا بحكم الحاكم، وللشافعي قولان، أصحهما الأخذ، قياساً على ما لو ظفر بجنس ماله، والقول الثاني: لا يأخذ لأنه خلاف الجنس، ومنهم من قال: يتحرى قيمة ما له عليه، ويأخذ مقدار ذلك، وهذا هو الصحيح لما بيناه من الدليل. انتهى.
أما إذا كان الموظف يجد حقه المتفق عليه كاملاً، ولكنه يرى أنه أقل مما يستحق لاعتبارات عنده فهنا لا يجوز له أخذ شيء زائد على ما اتفقا عليه وإلا اعتبر متعدياً وخائناً.
وعليه.. فإذا كان العامل أخذ من هذه الأجهزة المستعملة المعطلة بما يعادل حقه عند الشركة فلا بأس، ويشترط أن لا يتضرر بفعله هذا أحد كأن تكون هذه الأجهزة تحت يد موظف ستطالبه الشركة بها في حال فقدانها، فإن الضرر لا يزال بالضرر، ولا يصح أن يدفع عن نفسه الظلم بظلم شخص بريء.
والله أعلم.