الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى منع إحداث الروشن أو المحارة في الرصيف أو الشارع العام إذا كان فيه ضرر على المارة، وإلى جوازه إذا لم يكن فيه ضرر، والروشن هو الجناح الذي يخرج من البناء ليطل على جزء من الشارع أو الرصيف، جاء في التاج والإكليل: (وروشن) الجوهري: الروشن الكوة. المحكم الروشن الرف. الباجي: ما خرج من العساكر والأجنحة على الحيطان إلى طرق المسلمين، فروى ابن القاسم عن مالك لا بأس به إلا أن يكون الجناح بأسفل الجدار حيث يضر بأهل الطريق فيمنع. انتهى.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في الغرر البهية: (وما يضر ذا مرور نصبا) قامته أي ولا يتصرف أحد في الشارع بما يضر من جناح وساباط ونحوهما المار، ماشياً منتصباً وعلى رأسه الحمولة العالية سواء كان الشارع واسعاً أم ضيقاً (و) لا بما يضر (محملا) على البعير (ورأسه) أي أخشابه التي يظلل بها فوقه ويسمى مجموعها في العرف محارة (وإن رحبا) أي الشارع، أي وسع بأن كان ممر الفرسان والقوافل، لأن ذلك وإن ندر قد يتفق ويعتبر مع ذلك أن لا يظلم الموضع. وقد يدعى فهمه من لفظ الضرر، وخرج بما يضر ما لا يضر فيجوز التصرف فيه وإن لم يأذن الإمام لإطباق الناس على فعله من غير إنكار...
والذي عليه الحنابلة هو عدم إباحة إحداث شيء من هذه الأمور في الطريق ولو لم يكن فيه ضرر على المارة أو غيرها، فقد جاء في المغني لابن قدامة: ولا يجوز أن يشرع إلى طريق نافذ جناحاً، وهو الروشن يكون على أطراف خشبة مدفونة في الحائط، وأطرافها خارجة في الطريق سواء كان ذلك يضر في العادة بالمارة أو لا يضر...
وهذا الذي اختاره الحنابلة هو الذي نراه أصوب في الموضوع، لأن السماح باستغلال الطريق على مثل هذا النحو قد يؤدي إلى أضرار لم تكن في الحسبان وقت إقامة تلك الأمور، وقد تكون ذريعة للغير في إحداث مثلها، ولأن الغالب أيضاً أن قوانين الدول تمنع إحداث مثل هذا.
وليس من شك في أن الروشن والمحارة وما في معناهما أخف من إحداث درجات في الشارع أو الرصيف، لأن الروشن لا ينقص أصل الطريق، وإنما ينقص هواءها، والدرجات تبنى على جزء من الرصيف، وعليه فالذي نراه صواباً في موضوعك هو أن تنظر إلى قوانين البلد الذي أنت فيه، فإن كانت تمنع مثل هذا، فالواجب أن تترك إحداث تلك الدرجات وأن تزيل المدخل إذا كان لا يستغني عن الدرجات، وإن كانت القوانين تسمح به وتحققت أنه لن يؤدي إلى ضرر، فلا بأس بعمل الدرجات المذكورة.
والله أعلم.