الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقول صاحبك إنه هو الآمر الناهي في مؤسسته صحيح، ولكن ذلك لا يعني أن من حقه الإساءة إلى الآخرين وإهانتهم، وقولك: إنه يخشى الله، لا يتفق مع قوله: إنه لا يسمح لأحد أن يقول عنده إن هذا حلال أو حرام، وأن كل شيء هناك متروك لتقديره، وهو الذي سيحاسب عليه... هذا في الحقيقة كلام لا يصلح أن يقوله شاب موصوف بخشية الله.
فالإسلام يدعو إلى التواضع والتآلف ونحو ذلك من الأخلاق النبيلة، وينهى عن ضد ذلك من الكبر والتقاطع والتدابر ونحو ذلك من الأخلاق الدنيئة، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. وفيه أيضاً أنه عليه الصلاة والسلام قال: إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي بعضكم على بعض..
وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم الكبر بقوله: الكبر بطر الحق، وغمط الناس. رواه مسلم، قال النووي رحمه الله: أما بطر الحق فهو دفعه وإنكاره ترفعاً وتجبراً، وقوله صلى الله عليه وسلم: وغمط الناس. معناه: احتقارهم.
هذا فيما يخص صاحبك، وأما أنت فإذا كنت -كما ذكرت- مصاباً بالداء المذكور، وأن مثل هذه الإهانات تسبب لك التوتر العصبي والاضطرابات التي قد تزيد من اعتلالك فإنه ينبغي لك ترك هذا العمل، لأن محافظة المرء على صحته من آكد الواجبات عليه، وعلى زملائك الذين ينهونك عن ترك العمل أن يخبروا صاحبك بما أنت فيه من الحال، ويقنعوه بتجنب الإساءة إليك، وأما كون الرزق بيد الله فالواجب أن يكون ذلك جزءاً من عقيدة المؤمن لا يتغير بتغير الأحوال.
والله أعلم.