الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبارك الله فيك وأحبك كما أحببتنا فيه، وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فاعلم أن الله تعالى قد حذرنا من أكل الأموال بالباطل فقال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}.
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ المال العام بغير حق، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن هذا المال حلوة... من أخذه بحقه فنعم المعونة، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع. وفي رواية لهما: ويكون عليه شهيدا يوم القيامة.
وفيهما عن أبي حميد مرفوعا: والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة يحمله.
واستلامك لراتب دون عمل لا يخرج عن إحدى حالات ثلاث كنا قد بيناها من قبل، وبينا حكم كل واحدة منها، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 49901.
هذا عن سؤالك الأول، وإذا كان هذا المال حراما –حسب التفصيل الذي بيناه- فالواجب هو التخلص منه بإرجاعه إلى خزانة الدولة إذا كنت تعرف أنه سيصرف في مصارفه الشرعية، وإلا وجب عليك صرفه في تلك المصارف، وهي مصالح المسلمين العامة، ومنها صرفه على الفقراء والمحتاجين.
وإن كنت أنت فقيرا محتاجا لما تنفقه على نفسك وعلى من تلزمك نفقته فإن لك أن تأخذ منه بهذا الوصف.
ثم عن سؤالك الثالث، فإن أخذ الشخص المستفيد لمرتب آخر من عمل آخر، إذا كان يتناقض مع الشرط الذي مُنح بموجبه الراتب من الدولة، فإن راتب الدولة يصير غير مباح له، وإن لم يكن يتناقض مع ذلك الشرط، فلا حرج عليه في الاستفادة من الراتبين.
ومما يجدر التنبيه له أن الشرط لا يلزم أن يشافَه به الموظف مباشرة، بل يكفي أن تكون القوانين المعمول بها مشتملة عليه، أو يجري به العرف بين الناس.
والله أعلم.