الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنهنئك على ما صبرت عليه من البطالة متجنباً العمل في المجالات الربوية كالبنوك، ومبتعداً كذلك عن دفع الرشوة التي ورد اللعن على آخذها ومعطيها، وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فما ذكرته من أن مهمتك هي التنازع لصالح المؤسسة أمام المحاكم ومتابعة بعض الملفات كالتأمينات الخاصة بالمؤسسة مع أن القانون المطبق في أغلبه قانون وضعي، وما ذكرته من الأمور الأخرى المتعلقة بالقوانين الداخلية للمؤسسة.. نقول: إن الجواب عن هذا السؤال ينظر إليه من ناحيتين:
1- ما يتعلق منه بمتابعة الملفات والأمور المتعلقة بالقوانين الداخلية للمؤسسة.
2- ما يتعلق بالتنازع أمام المحاكم الوضعية في إثبات حقوق الغير أو نفيها.
فالذي يتعلق منه بمتابعة الملفات والأمور المتعلقة بالقوانين الداخلية للمؤسسة، إذا لم يكن منافياً للشريعة الإسلامية، وكان مجرد أعمال إدارية خاضعة لأنظمة تسيير المصالح ونحو ذلك، فلا حرج في ممارسته.
وإن كان فيه شيء من الجور أو اعتداء على حقوق الغير ونحو ذلك، فلا تجوز متابعته، لأن في ذلك إعانة على الإثم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وأما ما يتعلق بالتنازع أمام المحاكم الوضعية في إثبات حقوق الغير أو نفيها، فإن هذه هي مهمة المحامي، وقد انقسم أهل العلم إلى قسمين في إباحة تولي ذلك أو عدم إباحته، فمنهم من منعه استناداً إلى الآيات الكثيرة التي تنهى عن التحاكم إلى غير ما أنزل الله، ومنهم من أباحة تحقيقاً لبعض المصالح أو دفعاً لبعض المفاسد، وإعمالا لقاعدة الضرورة، واستيفاء للحقوق واستخلاصا للمظالم عند انعدام البديل الشرعي، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 18505.
والذي ننصح به هنا هو أنه ليس عليك حرج في تولي النواحي المتعلقة بالأنظمة الإدارية التي لا منافاة بينها وبين الشرع، وأما الجانب الآخر، فإذا وجدت غناء من توليه فليس من شك في أن ذلك أبرأ لدينك وأحوط لك، وإن لم تجد ما يغنيك عنه فلا نرى حرجاً في أن تأخذ بقول من أباحه في مثل الظروف التي عليها الحال في بلدك، وتجدر الملاحظة إلى أنه على جميع الأقوال لا يجوز الدفاع عما هو باطل.
والله أعلم.