الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن الطلاق -مع أنه ليس ممدوحاً في الشرع- فإنه ليس بهذا الحد الذي تتصوره، فقد جاء في السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني ما يلي: عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فقال: يا محمد طلقت حفصة وهي صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة. (حسن). (فائدة) قال الألباني: دل الحديث على جواز تطليق الرجل لزوجته ولو أنها كانت صوامة قوامة ولا يكون ذلك بطبيعة الحال إلا لعدم تمازجها وتطاوعها معه.
وقد يكون هناك أمور داخلية لا يمكن لغيرهما الاطلاع عليها، ولذلك فإن ربط الطلاق بموافقة القاضي من أسوإ وأسخف ما يسمع به في هذا الزمان الذي يلهج به كثير من حكامه وقضاته وخطبائه بحديث أبغض الحلال إلى الله الطلاق، وهو حديث ضعيف كما في إرواء الغليل برقم 2040، فمن هذا تعلم -أيها الأخ الكريم- أنك لست ظالماً لزوجتك إذا طلقتها، وخصوصاً في مثل الحالة التي ذكرتها من عدم إمكان التزوج بأخرى معها، واحتياجك إلى الإنجاب، مع أنك صرت قريباً إلى اليأس من حصوله منها، فمثل ما شرحته من الظروف تظهر فيه حكمة مشروعية الطلاق، ونحن هنا لا ندعوك إلى تطليق زوجتك، بل نحثك على البقاء معها ما أمكن ذلك، والسعي في تحصيل غرضك بالطرق التي أباحها الشرع من التعدد، ومحاولة علاجها إذا وجدت لذلك وسيلة، فإن لم تجد نفعاً في جميع ذلك، فلا حرج عليك في تطليقها، والتزوج من أخرى، يتحقق لك معها ما أردته من الولد الذي ليس من شك في أنه مقصد أساسي في الزواج.
والله أعلم.