الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا ثبت أن عملا معيناً محرم، فإنه لا يجوز البقاء فيه إلا أن يكون المرء مضطراً للبقاء لضرورة ملجئة، بحيث إذا تركه لم يجد ما تقوم به حاجاته الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن ونحو ذلك، فحينئذ يباح له البقاء عملا بقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، وعليه فإننا لا نستطيع إلزامك بترك العمل مباشرة أو البقاء فيه لحين إيجاد البديل، لأن ذلك يخضع -كما علمت- إلى درجة اضطرارك إلى ذلك العمل أو عدم اضطرارك إليه.
وأما البقاء في العمل وعدم البحث عن البديل، بحجة أن نسبة العمل الذي لا شبهة فيه قليلة، فإننا لا نقول به لعدة أمور:
أولها: ما بيناه من قبل.
وثانيها: أن قلة الأعمال التي لا شبهة فيها لا تبيح ترك البحث عما هو خال من الشبه.
وثالثها: أنه على افتراض عدم الحصول على عمل خال من شبهة، وكان المرء مضطراً إلى العمل، فإن الشبه متفاوتة في الإثم، ولا شك أن أخذ المضطر بما هو أقل إثماً أولى، لأن بعض الشر أهون من بعض، وأما نية إخراج صدقة للتخلص من المال الحرام عند الوقوع فيه، فإن ذلك لا يبيح الاستمرار فيما هو حرام.
والله أعلم.