الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن كتابة (ص) على هذا النحو لا تجزئ عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم المأمور بها عند ذكر اسمه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فنشكرك على هذه الغيرة للدين ولأنبياء الله المرسلين، ولكننا ننبهك إلى أن المسألة التي كتبت فيها وتصورتها خطأ كبيراً من جميع الأمة، هي -في الحقيقة- ليست كذلك، ذلك أن كلمة اللواط -بغض النظر عن أصل اشتقاقها- صارت كلمة من اللغة لها دلالة معروفة، فهي حقيقة عرفية في فعل معين، وقد تعارف الناس على ذلك جيلا عن جيل، قبل الإسلام وبعده، ووردت في معاجم اللغة، يقول ابن منظور في لسان العرب: ... ولاط الرجل لواطا ولاوط أي عمل عمل قوم لوط. قال الليث: لوط كان نبيا بعثه الله إلى قومه فكذبوه وأحدثوا فاشتق الناس من اسمه فعلا لمن فعل فعل قومه..
واللوطي نسبة إلى قوم لوط، وهذا اللفظ مركب تركيباً إضافيا، وقد قسم علماء اللغة والنحو المنسوب إليه في المركب تركيباً إضافياً إلى أقسام: وذكروا منها أن الأول من المتضايفين إذا كان لا يتعرف إلا بالثاني منهما عدل عن النسبة إليه أي الأول ونسب إلى الثاني يقول ابن مالك في ألفيته في باب النسب:
ياء كيا الكرسي زادوا للنسب * وكل ما تليه كسره وجب
إلى قوله: وانسب لصدر جملة وصدر ما * ركب مزجا ولثان تمما
إضافة مبدوءة بابن أو أب * أو ماله التعريف بالثاني وجب
ثم ما ذكرته من أن الكلمة لم ترد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ولا على ألسنة الصحابة أو التابعين هو ليس كذلك، فالمعروف أن الكلمة كانت معروفة قبل الإسلام، ولو لم تكن مقبولة في الشرع لما أقر عليها النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يقر على باطل، ولم يوجد حديث ينسب إليه أنه قد نهى عن استعمال هذه الكلمة، مع أنها وردت على ألسنة أصحابه، وفي ذلك رد على قولك إنها لم ترد على ألسنة أحد من الصحابة أو التابعين، بل وفوق ذلك فإنها قد وردت في حديثه الشريف كما هي واردة في أحاديث أصحابه في روايات صحيحة وحسنة، ففي مسند الإمام أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هي اللوطية الصغرى يعني الرجل يأتي امرأته في دبرها. قال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن واختلف في رفعه ووقفه والموقوف أصح.
وجاء في سنن أبي داود عن سعيد بن جبير ومجاهد عن بن عباس: في البكر يؤخذ على اللوطية. قال: يرجم. قال أبو داود: حديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو. قال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد موقوف.
وروى الإمام أحمد في المسند من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ملعون من سب أباه، ملعون من سب أمه، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من غير تخوم الأرض، ملعون من كمه أعمى عن الطريق، ملعون من وقع على بهيمة، ملعون من عمل عمل قوم لوط، قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم مراراً ثلاثاً في اللوطية. قال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
كما ننبه أيضاً إلى أن علاقة لوط بهذا الأمر هي علاقة الناهي عنه والمنكر له، قال الله تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ* فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ {النمل:54-55-56}، فالنسبة إليه نسبة تشريف وتبليغ لرسالة ربه.
ولا شك أن هذا القدر كاف لرفع الخطأ عن الناطق بهذه الكلمة.
والله أعلم.