الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى على كل من له أدنى علم بنصوص الشرع الحكيم أن الله تعالى قد أمر بتعظيم رسوله -صلى الله عليه وسلم- وتوقيره، وأنه نهى عن كل ما يحط من قدره، أو ينقص من شأنه، ومن أدلة ذلك ما يلي:
• أولاً: قول الله تعالى: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {الأعراف 157}. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: التعزير اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه، والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار. اهـ. من كتابه " الصارم المسلول على شاتم الرسول ".
• ثانيًا: قوله سبحانه: لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً { النور 63}. قال قتادة -رحمه الله-: أمر الله أن يهاب نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وأن يبجل، وأن يعظم، وأن يسوَد. اهـ. من تفسير ابن كثير.
• ثالثًا: قوله -عزَّ وجلَّ-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {البقرة:104}. نقل القرطبي في تفسيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: كان المسلمون يقولون للنبي -صلى الله عليه وسلم-: رَاعِنَا. عَلَى جِهَةِ الطَّلَبِ وَالرَّغْبَةِ- مِنَ الْمُرَاعَاةِ- أَيِ الْتَفِتْ إِلَيْنَا، وَكَانَ هَذَا بِلِسَانِ الْيَهُودِ سَبًّا، أَيِ اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ، فَاغْتَنَمُوهَا وَقَالُوا: كُنَّا نَسُبُّهُ سِرًّا فَالْآنَ نَسُبُّهُ جَهْرًا، فَكَانُوا يُخَاطِبُونَ بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَيَضْحَكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَسَمِعَهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَكَانَ يَعْرِفُ لُغَتَهُمْ، فَقَالَ لِلْيَهُودِ: عَلَيْكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ! لَئِنْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْكُمْ يَقُولُهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، فَقَالُوا: أَوَلَسْتُمْ تَقُولُونَهَا؟ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ، وَنُهُوا عَنْهَا لِئَلَّا تَقْتَدِي بِهَا الْيَهُودُ فِي اللَّفْظِ وَتَقْصِدُ الْمَعْنَى الْفَاسِدَ فِيهِ. اهـ.
وبناء على هذا؛ فلا يجوز للمسلم أن ينتهج من الأقوال والأفعال ما لا يليق بمقام النبوة، وهذا الكتيب المسمى "جواز سفر الرسول -صلى الله عليه وسلم- " قد علمنا أنه بطاقة تعريفية على شكل جواز السفر، تعرِّفُ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته، وهو على فرض صحة كل المعلومات التي فيه، لا يليق استخدام نهجه كأسلوب في التعريف برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ثم إننا لا نسلم بصحة كل المعلومات التي فيه، وأوضح دليل على ذلك أننا علمنا أن صاحبه وضع فيه ما أسماه " الرقم العالمي لرسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- " فمن أين له ذلك؟
هذا بالإضافة إلى أن اتباع مثل هذا الأسلوب في حق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفتح الباب على مصراعيه لمن يريد أن يتخذ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غرضًا يجني به مالًا أو شهرة أو غير ذلك من حطام الدنيا، فما يدرينا أن يأتي يوم يخترع فيه أحدهم صورة يزعم أنها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيثبتها في هذا الكتيب أو غيره، ويجد من يفتيه ويسوغ له هذا الفعل، ويوجد له المبررات الشرعية -حسب زعمه- ... وهكذا.
فالذي نراه عدم جواز بيع هذا الكتيب أو شراؤه أو الترويج له. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.