الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أيها الأخ الحبيب أن النوازع البشرية مما لا ينفك عنها أحد إلا بأن يوجد ما يغلبها ويقهرها، ونحن نذكر لك أموراً إن قدرتها شغلتك عن ما يشغلك:
أولاً: اعلم أن الله مطلع عليك، ناظر إليك، يعلم سرك ونجواك، وقد أمرك فقال: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، فإذا أردت زكاة النفس، وطهارة القلب فلا تدخل على قلبك ما يشغلك عن أمر الله تعالى ويدفعك إلى المحرمات.
ثانياً: اشغل لسانك بالذكر، وقلبك بالفكر، وجوارحك بالطاعات، فإن الذكر يخرجك من الموت إلى الحياة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقوك: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت.
وإن الفكر يخرجك من الغفلة إلى الحضور، فتستشعر رقابة الله عليك، والغفلة تخرج من المراقبة إلى دهاليز الشقاء، ولذا نهى الله تعالى عن طاعة الغافلين: فقال سبحانه وتعالى: وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:28}، وإن عمل الجوارح يُمَرِّسها على فعل الخيرات، وترك المنكرات، حتى قال الشاعر:
تعود بسط الكف حتى لو أنه * ثناها لقبضٍ لم تُجبْه أَنامِلُه
ثالثاً: طالع سير الصحابة الأبرار والتابعين الأخيار، ومواقف الصالحين، وكيف كان جهادهم لأنفسهم، وكيف قهروا نزوات النفوس، وخضعت جباههم للملك القدوس، فإن في قصصهم عبرة، وفي كلماتهم خبرة، عاشوا للمبادئ، وبذلوا الأموال والأرواح في سبيل نصرة دينهم، وحماية هوية أمتهم، فشغلهم ذلك عن المطعم والمتاع والشهوة.
رابعاً: أكثر من الصيام، فإنه نعم اللجام، وقد أرشد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من عجز عن الزواج بالصوم، فقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه.
خامساً: إذا تمكنت من الزواج مالاً وبدناً، وغلب على ظنك أنه العلاج لمرضك فلا تتأخر عن تناوله.
سادساً: نذكرك بأن هادم اللذات ومفرق الجماعات سيحل بساحتك دون ميعاد، فكن أخي على استعداد، لا تغتر بشهوة تذهب لذتها وتبقى حسرتها، فأقبل على ما ينفعك.
والله أعلم.