الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يتحاكم إليه الموظف وجهة توظيفه هو عقد العمل المبرم بينهما (خطا كان أو لفظاً) أو النصوص المعمول بها في المؤسسة التي يعمل فيها، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
هذا طبعاً بشرط أن لا يكون في بنود العقد ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية، والظاهر أن المجلس الذي قلت إنه للتأديب في إدارة الموظفين يقوم على أساس مبدأ المحاسبة والفصل في القضايا الإدارية لمؤسسات الدولة، ويشهد لذلك ما ذكرته من أن العمل فيه يتمثل في المعاقبة على الأخطاء المرتكبة من طرف الموظفين، وأن العقوبات هي (إنذار، توبيخ، إيقاف عن العمل، الحط من الدرجة، العزل عن العمل)، وأن الأخطاء هي عادة (التأخير عن المجيء للعمل، الغياب بدون مبرر، الحضور للعمل في حالة سكر، السرقة، عدم تنفيذ العمل)، فهذه كلها تعتبر إجراءات إدارية وتنظيمية مقابل مخالفات مهنية أو خلقية، وهي لا تتعارض مع الشريعة، وبالتالي فلا نرى حرجاً في العمل في هذا المجلس إذا كان العامل فيه يقوم بعمله بعدل وإنصاف.
ثم ما سألت عنه في المعاقبة على السرقة بالطرد عن العمل، وما إذا كان ذلك يعتبر حكماً بغير ما أنزل الله فجوابه أن حد السرقة في الشريعة الإسلامية هو قطع اليد، كما جاء في قول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38}، ولكن المختص بتطبيق هذا الحد هو السلطة القضائية، وليس لأية هيئة أخرى أن تطبقه، وسواء طبقته الهيئة المسؤولة عن تطبيقه أو لم تطبقه فلا مانع للمجالس التأديبية أن تأخذ في السارق أي إجراء رأته مناسباً للحد من السرقة، وجعل الموظف في الحالة المثلى في الخدمة.
والله أعلم.